أن تجد نفسك يتيم الأبوين ، لهذا أمر بشع وعسير على النفس ، وقتها ستجد نفسك تعيش بلا أهل ، مهما كانت درجة قرابة من تعيش برفقتهم ، وليس لديهم سواك أيضًا ، وهذا هو ما شعرت به سارة ، الطفلة المراهقة صاحبة الخمسة عشر عامًا ، والتي كانت تعيش برفقة عمتها وزوجها الضخم معاقر الخمور
كانت سارة تعود من مدرستها كل يوم ، وتستلق قليلاً لتجد أن الساعة قد صارت بالخامسة قبيل المغرب وكالعادة تظل عمتها تتهمها بالكسل ، وتطلب منها القيام بالأعباء المنزلية ، من غسيل للصحون والملابس وتنظيف الغرف بينما تظل هي أمام المرآة تمشط شعرها ، وتتغزل بجسدها وجمالها ، فهي لم ترزق بأطفال يغيرون من هيأتها ، وكانت تستغل ابنة أخيها الراحل في أعمال المنزل ، وكأنه قد ترك لها خادمة
عقب أن انتهت سارة من مهامها المعتادة ، ذهبت لغرفتها وجلست تقرأ قليلاً ، فإذا بجرس الباب يدق ، والآن قد حضر زوج عمتها القميء ، هذا الرجل السيئ الذي لا يكف عن مغازلة سارة ، بكل ما أوتي من جبروت وتبجح ، فنهضت سارة مسرعة تغلق على نفسها باب الغرفة ، ولكن للأسف لم تجد المفتاح
ظلت تراقب ما يحدث من خلف بابها ، فإذا بزوج عمتها السكير ، قد أتى وهو يترنح ، فبادرته زوجته بالكثير من السباب كالمعتاد ، وبدأ صوتهما يرتفع ، وظلت سارة تراقب ما يحدث ، حتى قام زوج عمتها بكسر زجاجة نبيذ ، ثم لم يدر سوى والدماء تتطاير على قميصه وفي المكان كله ، ثم التفت مثل الوحش يتطلع إلى باب غرفة سارة ، التي امتقع وجهها وحاولت أن تصرخ مستنجدة بالجيران ، ولكن من سينقذها من هذا الوحش
اتجه الرجل نحو غرفة سارة ، وهو يزمجر ويمني نفسه بها قبل أن يصل إليها ، وبالفعل اقتحم الغرفة كالوحش الكاسر ، واعتدى على المسكنة وهي تقاومه بكل قوتها ، حتى قتلها هي الأخرى بعد أن فرغ منها ولكن مهلاً ، كانت سارة ترى جسدها ممددًا داخل الغرفة ، وكأنها تشاهد نفسها من الأعلى ، هل تحولت إلى شبح ؟ يبدو هذا فها هي ترى هذا الوحش ، يجرجر جثتها هي وعمتها ، ويشعل فيهما النيران ، ويضحك كالمجنون ، أي شخص هذا ؟لم تمض سوى بضعة ساعات ، كان الرجل قد أحرق الجثتين ، ثم قام بلفهما داخل سجادة قديمة ، وجرهما على درج المنزل ووضعهما داخل السيارة ، شعرت سارة وتأكدت أنها بالفعل قد صارت شبحًا ، فقررت أن تنتقم ، فإذا كانت يتيمة وتعاني وهي على قيد الحياة ، أن ليس هناك من يدافع عنها فبالتأكيد أنها الآن تستطيع الدفاع عن نفسها
بعد أن صارت شبحًا متمردًا ، وبالفعل عندما انطلق بالسيارة نحو الصحراء ، بدأت سارة تتلاعب بمحرك السيارة وفراملها ، وبالطبع مع سرعته الجنونية والخمر كانت لا تزال تلعب برأسه ، اصطدم الرجل بشاحنة تحمل مواد قابلة للاشتعال ، وانفجرت السايرة ، وتناثرت أشلاء الرجل ، بعدما فعل فعلته وقتل سارة وعمتها بكل قسوة
دون أن يطرف له رمشًا ، وشعرت سارة بالارتياح بعد أن انتقمت لشرفها وحصلت ولو على جزء بسيط من حقها المهدر ، والذي تسببت عمتها بهدره أيضًا ، وهاهي الآن تكتب مذكراتها وتضعها أمام منزل أحد أشهر الصحفيين ، حتى يعلم الجميع ما حدث معها ولا تندثر قصتها ، وتظل طي الكتمان دون أن يعلم أحدهم ، ما عانته المسكينة تلك في حياتها