كان الشيخ كلما صعد أو هبط الدرج الممتد من باب العمارة ، إلى شقته في الطابق الثالث داخلاً أو خارجاً منها ، وصادف جارتهم السيدة ماجدة وهي تقوم بتنظيف الدرجات أمام شقتها ، يتنحنح حتى تشعر بوجوده لتنتصب فتستر ما ظهر من ساقيها ، دون أن يرفع نظره ويلقي السلام ، فترد بأنوثتها وتبتسم ابتسامة لا يسمع صوتها ، ولكنه يشعر بها على كل حال
مواجهة الرغبة :
وكان من عادته أيضًا كلما دخل إلى البيت ووجدها في زيارتهم ، أن يقوم بحثها على ضرورة أن تستر شعرها وأن ترتدي الزي الشرعي ، ويحاول إقناعها بأداء فريضة الصلاة ، ويدعو لها الله بالهداية ، كانت تسأله بدورها حول استخدام المرأة للمساحيق ، فينظر إليها ويرى شفتيها المتشحين باللون الأحمر ويجيب : إنه يجوز للمرأة أن تتبرج في بيتها ولزوجها فقط ، وما دون ذلك فهو حرام ، ثم يستعيذ بالله في سره ليواجه لحظة الاشتهاء التي مرت بخاطره
الشيخ الوقور :
خمسة عشر عاما قضاها الشيخ علاء مذ كان في السابعة من عمره ، وهو لا يقطع فرضا ، يصلي الفروض الخمسة في أوقاتها ، يصوم رمضان ويتمنى حج البيت ، حتى اشتهر في الحي كله باستقامته وصار مرجعًا للناس يتقدمون إليه بالاستشارة فيما أحله الله وما حرمه على عباده المسلمين
وكان حين يضطر في الجامعة إلى مرور من أمام كافترياتها ويرى المتبرجات من الصبايا ، وقد أطلقن شعورهن ولبسن السراويل الضيقة أو الفساتين القصيرة ، يستعيذ بالله ولا تهدأ نفسه إلا حين يدخل إلى المسجد ، فيتوضأ ويصلي ويقرأ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم
القابض على دينه :
وكان الشيخ علاء أيضا لا يفوته أن يرى ما يحدث من علاقات بين الشباب والبنات في الجامعة ، ويرى بعضهم بعد انتهاء المحاضرات خارجين يتهامسون ويبتعدون معًا في جوف المدينة الصاخب ، إلى حيث لا يستطيع أن يضع بذمته ، فيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، ويقول لنفسه : القابض على دينه هذه الأيام كالقابض على الجمر ، وبعد أن يصلي العشاء يأخذ في قراءة شيء من السيرة ، أو الفقه فيصل إلى أذنيه مذياع السيدة ماجدة يصدح بالأغنيات العاطفية ، فيقوم بغلق النافذة ويضطر إلى احتمال حرارة الصيف حتى يغرق بالعرق
وقد صارت الدنيا ليلاً :
وفي ذات يوم وكان الشيخ قد عاد عند مغيب الشمس ، وفيما هو يصعد درجات السلم المؤدي إلى شقته ، تصادف في اللحظة التي اقترب فيها من باب الشقة السيدة ماجدة ، أن انفتح الباب وخرج منه الولد أحمد راكضًا وأمه تلحق به ، وكانت ترتدي قميص أحمر شفاف ، أمسكت بذراع الولد وكانت تصطدم بالشيخ ، فتأسفت وقالت : أرأيت العفريت لا يريد أن ينام ، يريد أن يخرج ليلعب في الشارع ، وقد صارت الدنيا ليلاً !شيطان الأنثى :
وقع نظره دون أن يقوى على رده على ما ظهر من قبة القميص من جسدها ، نهر الولد وطلب منه أن يعود لينام ، ثم واصل سيره إلى أعلى ، فيما دخلت الأم وابنها وقبل أن تغلق الباب ، استدار بنظره ، فرأى منها ما ظهر من ساقيها وأنوثتها فاستعاذ بالله من شيطان الأنثى !لم يرجمالهن إنسان قط :
دخل بيته وتوضأ وصلى وأخذ يقرأ الفقه ، انتبه إلى أن ذهنه مشتت ولا يكاد يلتقط شيئًا مما يقرأ ، فذهب للنوم ، وجد نفسه وحيدًا على حافة نهر الماء العذب ، وكان عطشا فشرب حتى ارتوى ، كان الجو ساحرًا ظليلاً ، وكان جالسًا تحت شجرة كمثرى تتدلى حباتها الناضجة ، فأكل منها حتى شعر بالانتشاء ، رغب بالنوم وكانت زقزقة العصافير ، تثير في مكان جوًا عذبًا ، تمدد وفيما يشبه الحلم رأى حواليه ، أنهار اللبن والعسل والنبيذ ، ثم أربع نساء لم ير جمالهن إنسان قط ، انهن جميعًا له ، يطلبون منه شرب المزيد من اللبن والعسل والخمر ، اتوى باللذة حتى غاب عن الوعي
استيقاظ وتساؤلات :
ما أن صاح مؤذن الصلاة ، حتى صحا الشيخ ، اغتسل وتوضأ وصلى ، حاول أن يستعيد ليلته فابتهج بما لديه في الجنة ، ولكن ما وجد نفسه يفكر في الجارة أم أحمد ، ثم تساءل لمن تتبرج هذه المرأة المطلقة ؟ تعاطف مع وحدتها وحاجتها لرجل ، كما هو بحاجة لامرأة ، فما الذي يمنع الحلال ، الحرام ، الرغبة !وميض الرغبة :
ثم سمع صوت الباب ينفتح فيخرج الولد إلى المدرسة ، انها تعود لوحدتها ، اعتقد أنه لو بقيّ في البيت ، لقضى نهاره كله يراقب حركتها اليومية ، نهض من فراشه واغتسل ، وارتدى ملابسه وخرج ، نزل درجات السلم ببطء ، فنظرت له ماجدة مقوسه أمام شقتها ، لتنظيف السلالم التي تقوم بمسحها كالعادة ، تنحنح فانتبهت لوجوده ، رفعت قامتها وأرادت أن تدخل بيتها ، خالها تقول له تفضل ، همّ أن يدخل وراءها ، ثم أكمل طريقه نزولاً على الدرج قاصد الجامعة