خرجت شمس من غرفتها بعدما اكملت اتصالها مع صديقتها علا لتجد المنزل ما زال خاليا ولم يعد احد من عمله...
خرجت تتمشى في حديقة المنزل حينما لمحت شخص تعرفه جيدا يدلف الى الداخل...
ركضت ناحيته وهي تصرخ بسعادة جلية:
اياد واخيرا عدت...
استقبلها اياد بحفاوة شديدة ثم احتضنها ورفعها عاليا واخذ يدور بها...
توقف اخيرا عن الدوران بها لينزلها ارضا وهو يهتف بشوق:
صغيرتي...كيف حالك...؟!
اجابته شمس بابتسامة واسعة:
بخير...
ثم اردفت متسائلة:
متى عدت من السفر...؟!
تغاضى اياد عن سؤالها وسألها بدوره:
هل ما سمعته صحيح... تزوجت ابن عمك
مطت شمس شفتيها واجابته وهي تومأ برأسها:
نعم...هذا موضوع يطول شرحه..
زفر اياد انفاسه بضيق ثم قال بلهجة متحفزة:
اذا يجب ان افهم واسمع كل شيء منك... ما رأيك ان نذهب سويا الى احد المطاعم القريبة ونتحدث في هذا الموضوع...
اومأت شمس بسرعة موافقة ثم ما لبثت ان قبضت على كف يده وهي تهتف برحابة:
هيا بنا...
جلست شمس امام اياد الذي اخذ ينظر اليها بملامح متحفزة طالبا منها شرح له ما حدث بالضبط وكيف تمت هذه الزيجة...
وبالفعل حدثته شمس عن كل شيء فهي كانت معتادة على البوح بكل ما يحدث معها لاي شخص يسألها دون وضع اي حدود او اعتبارات....
كانت تلك عادتها السيئة والتي حاول والدها كثيرا اثنائها عنها...
اذا انتما تعيشان كأخوة الان...؟!
قالها اياد ببعض الارتياح لتضع شمس كأس العصير امامها بعدما ارتشفت منه القليل ثم اجابته بضيق واضح:
للاسف...
جحظت عيناه بصدمة قبل ان يقول بغيرة جاهد لاخفائها:
وهل تريدين زواج حقيقي يا شمس...؟!
اخذت شمس تحرك اناملها فوق فوهة الكأس وهي تفكر في سؤاله ثم ما لبثت ان اجابته:
لا اعلم... ولكن طالما تزوجت فما المانع من ان يكون زواج حقيقي...؟!
اشتعلت نظرات اياد غيرة وغضبا قبل ان يقول بتحذير:
اياك يا شمس... لا تجعلي هذا الزواج حقيقيا...
لماذا...؟!
سألته باندهاش ليجيبها بتلقائية:
لانني اكبر منك... وافهم جيدا في امور كهذه...انت ما زلت صغيرة... ولا تفهمين في هكذا امور...
تتحدث وكأنك اكبر مني بعشريت عاما.... كلها عشر سنوات الفرق بيني وبينك...
حتى لو...عشر سنوات ليست قليلة... اسمعيني انت ما زلت صغيرة... سوف تكبرين وتدخلين الى الجامعة... وهناك سوف تقابلين شاب في نفس عمرك.... تحبينه ويحبك...
ابتسمت شمس بحالمية وهي تكمل:
ونتزوج ونقيم حفل زفاف كبير تكون انت به اول المدعوين...
بل سوف اكون انا العريس....
قالها بصوت لم تسمعه شمس التي تسائلت بحيرة:
ماذا قلت...؟!
اجابها بابتسامة خفيفة:
لا شيء...
ثم اردف بنبرة جادة:
المهم... اريد ان تنفذي ما قلته... حافظي على الاتفاق الذي بينكما ولا تتراجعي عنه مهما حدث... واخبريني دائما بكل جديد يحدث معك...
هزت شمس رأسها وهي تبتسم بغباء ثم ما لبثت ان نهضت من مكانها وهي تقول:
هيا بنا... تأخرنا كثيرا... يجب ان اعود الى المنزل حالا...
دلفت شمس الى المنزل وهي ممسكة بيد اياد الذي اصر ان يتعرف على رائد...
تفاجئت برائد هناك ويبدو عليه العصبية الشديدة والذي ما ان لمحها حتى اشتعلت عيناه وهو يتقدم نحوها متسائلا بغضب:
أين كنت...؟!
شعرت شمس بالخوف من ملامح وجهه التي لا تبشر بالخير بينما ضغط اياد على يدها داعما لها قبل ان يقول بتحدي:
كانت معي...
تأمله رائد للحظات قبل ان يحرر يد شمس من كف يده ويقول بنبرة هازئة:
ومن تكون انت...؟!
اجابه اياد متجاهلا نبرته الهازئة:
ابن خالتها...
وهل من الاصول يا ابن خالها ان تأخذها معك وتخرج بها دون ان تأخذ اذني...
قالها رائد بنبرة قاتمة ليرد اياد ببرود:
لم اجدك هنا... ولم يكن معي وقت لانتظرك...
حتى لو...هذا لا يعطيك الحق ان تخرج معها دون اذن مني... قد تكون هي صغيرة وغير واعية لشيء كهذا لكنك كبير ويجب ان تنتبه لتصرفاتك جيدا...
ثم قبض رائد على ذراع شمس وجرها وراءه قائلا بنبرة امرة:
امامي الى غرفتنا...
وقبل ان يخرج من المكان قال موجها حديثه لاياد:
عن اذنك يا ابن خالتها...
ليضغط اياد على فمه بقوة ويخرج من المنزل باكمله وهو يسب ويلعن برائد ويتعود له بالكثير...
دلفت شمس الى غرفتها يتبعها رائد...
التفتت له واخذت تمتم بنبرة مرتجفة...
انا... انا لم اقصد...
قبض على ذراعها بقسوة مردفا بنبرة قوية خشنة:
كيف تفعلين شيئا كهذا...؟! تخرجين معه دون اذن مني...
انه ابن خالتي..
قالتها بنبرة باكية ليصرخ بها بنفاذ صبر:
كفي عن البكاء واسمعيني....
ضغطت على شفتيها بقوة حتى لا تبكي اكثر بينما اكمل هو بنبرة قاسية متملكة:
انت زوجتي... حتى لو على الورق فقط... وانا لا اسمح لزوجتي بأن تخرج مع شخص غريب حتى لو كان ابن خالتها، انت لن تذهبي الى اي مكان دون علمي وموافقتي...فهمتِ...؟!
اومات برأسها ثم قالت بصوت خافت:
وماذا عن المدرسة...؟! هل مسموح لي بأن اذهب اليها....؟!
زفر انفاسه وقال بنفاذ صبر:
هل انت غبية ام تتغابين امامي....؟!
ماذا تقصد...؟!
سألته بحيرة ليجيب باختصار:
بالتأكيد سوف تذهبين الى هناك....
ثم اردف محذرا:
ولا داعي بأن اكرر تحذيراتي لك بشأن عدم الخروج مع اي رجل غريب بدوني...
هزت رأسها مؤكدة كلامه قبل ان تتسائل بسرعة:
ولكن ما السبب اللازم لمنعي...؟! يعني اياد ابن خالتي وانا احبه كثيرا...
كاد ان يخنقها مما تفوهت به... تلك الصغيرة لا تفهم معنى ما تقوله...
تحدث اخيرا وهو يجاهد للسيطرة على اعصابه:
اسمعيني يا شمس...انا امتلك مرارة واحدة وغير مستعد لخسارتها... كلامي يجب ان تنفذيه دون جدال....
اومأت برأسها عدة مرات ثم ما لبثت ان قالت بخبث:
هل هذه غيرة...؟!
غيره...؟!
قالها متعجبا لتهز رأسها وتكمل:
هل تغار علي لذلك لا تسمح لي بالخروج مع غيرك..
رد عليها ببساطة:
وما المشكلة اذا غرت... انت مثلك مثل رنا اختي... وانا لا اسمح لرنا بأن تخرج مع رجل غيري...
مدت شفتيها للاسفل وقالت وهي تمنع نفسها من البكاء:
حسنا...
ماذا حدث...؟!
سألها مستغربا من تغير ملامحها لتجيبه ببكاء:
ظننتك تغار علي...
ابتسم بيأس من هذه الطفلة التي لا يفهم ما يرضيها ليقول اخيرا مواسيا اياهل:
انا بالطبع اغار عليك يا شمس...
ادارت ظهرها له عاقدة ذراعيها امام صدرها:
ولكن كأخت لك..
ليقول مؤكدا حديثها فهو لا يريدها ان تحلم بالمزيد:
نعم يا شمس... كأخت فقط...
التفتت اليه وقالت بعناد:
قريبا جدا سوف تغار علي ولكن كزوجتك وليس كأختك...
ماذا تقصدين...
سألها بحيرة لتجيبه بتحدي:
معناه انك سوف تقع في غرامي وتحبني وتغار علي وحينها ستندم اشد ندما على ما قلته...
كفي عن هذا الكلام يا شمس...انت ما زلت صغيرة على قول شيء كهذا...
قالها بجدية لتمط شفتيها وتقول باصرار لا يعرف لماذا اقلقه:
سوف نرى يا سيد رائد....ولكن اعدك بأنني سأفعل ما قلته...
ثم نهضت مبتعدة من امامه...
يتبع.....