ولكنها قبل أن تغمض عينيها بالكامل لتعلن عن نومها رأت أمام عينيها نفس الفتاة التي تشبهها تماما، والتي رأتها من قبل انعكاسا بالمرآة على الرغم من كونها ساقطة على الأرض وليست بمستوى المرآة من الأساس خلف والدها أثناء ضربه لها، كانت شبيهتها تطمئنها بألا تخاف ثانية، وأنها ستكون بجانبها دوما ولن تتخلى عنها، ولن تسمح لأحد بمضايقتها مرة ثانية مهما كان!
راودها كابوسا مرعبا عندما خلدت للنوم، لقد رأت والدها عاريا بالحمام ويتهجم عليها، رأت خلفه الفتاة الشبيهة به، وفجأة وجدت والدها ملقى على الأرض بلا حراك ومنقطع الأنفاس ودمائه تغطي كل أرجاء أرضية الحمام؛ استيقظت الفتاة تصرخ فزعة ومازالت تريد الموت بأي وسيلة أو شكل.
ذهبت صديقتها الممرضة تتوسل للطبيب أن يعطيها جرعة ثانية من نفس المسكن القوي، ولكن الطبيب رفض في البداية خوفا عليها من إدمانه؛ في الحقيقة لقد توفي والد الفتاة إثر سقوطه بالحمام، ولم يخبر أحد الفتاة بما حدث مع والدها خشية عليها وعلى أعصابها.
مكثت الفتاة شهرين حتى تعافت تماما وعادت لعملها، وكانت تعتني بالمرضى كعادتها ولكن شخصيتها تغيرت بعد كل ما حدث معها من ظروف قاسية، كانت مداومة على أخذ المسكن لإدمانها عليه ولم يلاحظها أحد سوى الطبيب الذي كان مسئول عن حالتها سابقا.
وبالفعل انهارت حالة الفتاة من كثرة المسكنات التي حقنت بها نفسها عندما لم تجد المسكن الذي اعتادت عليه مسبقا، فقد قام الطبيب حفاظا عليها بتخزينه بعيدا عن متناولها؛ وعندما انهارت الفتاة أشار الطبيب بتحويلها لقسم الأمراض النفسية لمساعدتها في الإقلاع عنه ومحاولة تخفيف الأعباء عنها نظرا لحالتها النفسية التي أصبحت سيئة للغاية بعد فقدها لوالدها، والحادثة التي أصيبت بها.
كانت الفتاة تجد عزائها الوحيد وراحتها النفسية في المسكن، فكانت دائما تحقن نفسها به حتى تستريح من شبح الفتاة شبيهتها والتي لم تكن تفارقها من الأساس، لقد أصبحت تراها وتحدثها في الواقع وليس بالأحلام فقط!
شفيت الفتاة وامتنعت عن تناول المسكنات وعادت لعملها مرة أخرى، ولكن بهذه المرة رأت كابوسا لم تتخيل أنه من الممكن حدوثه بالواقع كواقعة وفاة والدها، رأت صديقتها الممرضة بنفس المستشفى تقف بحمام منزلها، والفتاة شبيهتها تقف خلفها ومرة أخرى كوالدها تسقط على الأرض والدماء تعبأ المكان من حولها، تضحك الفتاة الشبيهة بها وتقول: “إنها تستحق ذلك، لطالما كانت تكرهكِ لكون حبيبها يحبكِ أنتِ وليس هي، لا تنسي أنها كانت من أقنعت الطبيب بإعطائكِ المسكن، وهي من كانت تساعدكِ في سرقته، لقد أرادت أن تجعلكِ مدمنة حتى ينفض كل من أحبكِ من حولكِ، مثلها مثل والدكِ الجزاء من جنس العمل!”.
استيقظت الفتاة من نومها تصرخ، وأول شيء فعلته اتصلت على صديقتها لتطمئن على أحوالها، ولكنها علمت أنها توفيت بالليل إثر سقوطها بالحمام؛ عادت الفتاة لحقن نفسها بالمسكنات والمهدئات من جديد، لم تقوى على العمل وأصبحت ترى الحياة لونها أسودا وطعمها مرا لا يحتمل.
لم تستطع الفتاة إكمال حياتها، وخاصة أن شبيهتها هذه لم تتركها وكل من أساء إليها تريد الانتقام منه؛ شعرت بأنها تريد إنهاء حياتها بنفسها حتى لا تكون سببا في إنهاء حيوات من حولها؛ وخاصة ذهبت الفتاة لأكثر من شخص بمجال الجن المردة ولكن لم يستطع أحد مساعدتها وكانت تظهر على ملامحهم جميعا الخوف والرعب الشديد، ودلالات أن بجسدها شيء عظيم!
وبيوم من الأيام قامت الفتاة بحقن نفسها بجرعات زائدة من المسكنات والمهدئات لتتخلص من كل ما أتعبها وأشقاها بالحياة، قصت حكايتها كاملة للطبيب الذي يقوم على علاجها من بداية الرحلة، وكيف أنها أصبحت تعاني من مس جني أصبح يزهق أرواح آخرين دون أسباب إلا الإساءة إليها؛ وأنها قد تخلصت منه وخلصت كل من أحبوها وأحبتهم من شره، فهم الطبيب وبظهر اليوم التالي توفيت الفتاة إثر توقف قلبها بسبب الجرعات الزائدة من الأدوية التي حقنت نفسها بها.
ولكن ما كان بداخلها مازال يهدد الطبيب ويظهر له بكل مرة يخلد فيها للنوم بكوابيس تجعله يجن جنونه.
النهاية
لا تنسة مشاركة القصة والتطبيق مع اصدقائك