لابد أن تكون مستعدًا للتضحية من أجل أن تحصل على ما تريد ، فمثلاً إذا أردت أن تنتقل إلى شقة أوسع فعليك أن تكون مستعدًا للزيادة في الإيجار ، وإذا أردت أن تنعم بالحرية فعليك التضحية بالجهد ، والمال وأحيانًا بروحك ذاتها ، من أجل أن تحصل على ما تريد من حرية .قصة المثل :
تروي قصة هذا المثل ، حكاية مجموعة من الرجال الأشداء الأقوياء ، يجلسون في كهف خفي ، تحت الأرض بين مجموعة من السلاسل الجبلية ، والأشجار الكثيفة التي تغطيها ، وحولها تحولت مدينتهم الجميلة ، إلى مجموعة من الحطام والخراب ، فكل شيء قد تم تدميره على أيدي أعدائهم من المحتلين لوطنهم ، ومن بين هذا الحطام خرج هؤلاء دفاعًا عن موطنهم وعِرضهم .كان مجموع هؤلاء الرجال حوالي عشرين رجلاً ، تباينت مستوياتهم الاقتصادية قبل الحرب ، والآن هم جميعًا سواء ، لا تدري أيهم الغني وأيهم الفقير ، فالآن جميعهم أبناء بلدة واحدة ووطن واحد وكلهم سواء .ومن خلف إحدى النوافذ التي كستها الأتربة من الخارج ، والرماد الناتج عن احتراق المنازل والأماكن القريبة منهم ، تناهى إلى سمعهم أصوات طائرات تحلق بالسماء ، بالطبع هي طائرات العدو ، بالطبع هي طائرات العدو تحلق فوقهم ، بحثًا عنهم وعن أي أحياء بالمنطقة .ويبدو أنها ظلت وقتًا طويلاً ، وهي تعلم بأن هناك من يختبئ في هذا المكان ، وتنتظر خروج أحدهم حتى تستطيع قنص الباقين كافة ، خرج عليهم قائد المجموعة وأخبرهم بما يحدث في الخارج ، وطلب منهم الاستشارة وآرائهم بشأن موقفهم ، فهتف أصغرهم عمرًا مقترحًا المواجهة ، وليكن ما يكون ، ولكن القائد رفض هذا الاقتراح كليًا ، مبررًا أنهم قد يقضون جميعًا هكذا ولا يبق منهم أحدًا ، خاصة أنهم لا يعلمون عدد من بالخارج .أجابه شخص آخر بأنهم يبحثون في المنطقة دون هدي ، وأنهم لن يطلقوا النار سوى على أهداف واضحة ، ويعني هذا أنهم لا يعلمون كم عددنا أو حجم أسلحتنا ، واقترح بأن تخرج مجموعة مضحية بنفسها من أجل الآخرين ، يسحبون الغزاة نحو منطقة بعيدة عن هذا المكان ، في سبيل بقاء الآخرين على قيد الحياة ، لاستكمال مهمة تحرير الوطن .انبهر القائد إعجابًا بهذا الرأي الحكيم ، فسأل من حوله عمن يضحي بنفسه في سبيل الآخرين ، ومن يرغب بالشهادة في سبيل ، أن يتمسك الآخرون بحرية وطنهم ، ويقسموا على النيل من الأعداء ؟سمع أحدهم من الشباب هذا القول ، وتذكر بعض ذكرياته المؤلمة عندما فقد ، أهله وحبيبته حينما غدر بهم العدو جميعًا ، ولم يتبق سواه ، فقرر أن يبذل نفسه في سبيل هذا الوطن ، التضحية الكبيرة التي سوف يقدمها من أجل ، الذود عن أهله ممن غدرهم الأعداء ، فرفع يده أولاً وهو في غاية الحماس ، أنه سوف يكون أول المضحين ، سرت الحماسة في أجساد زملائه ، فرفع الشيخ صاحب المقترح يده ، تلاه أربعة غيرهم .خرجت مجموعة التضحية ، من مكان خفي ليذهبوا بعيدًا عن المخبأ الخفي ، مودعين رفاقهم بالدموع والقبلات ، ومرحبين بالشهادة والتضحية في سبيل أقرانهم ووطنهم وحريتهم ، فلن تأتي الحرية سوى بالتضحية ، ليخرجوا مبتعدين عن المكان ويسيرون جميعًا في مشهد مهيب ، ليشعلوا نارًا للفت نظر العدو ، الذي ما يلبث أن يراهم حتى يسقط صواريخه ، بالمكان ويموتوا جميعًا ، مضحين بأرواحهم ، ويستلم رفاقهم في اليوم التالي جثثهم المتفحمة ، المبتسمة بعدما ضحوا بأنفسهم جميعًا ، في سبيل الحرية .