إن جودة البذور التي تزرعها هي التي تحدد نوعية المحاصيل التي تحصدها ، فإذا كانت البذور من نوعية جيدة فسيكون العائد على نفس القدر ، أما إن كانت رديئة فلابد أن العائد سيكون بنفس السوء ، وبالمثل فإن الفوائد التي يتمتع بها المرء في الحياة ، تتناسب بشكل مباشر مع الجهود التي يبذلها المرء .فعلى سبيل المثال إذا كان الشخص كسولًا عن القيام بأي عمل ، فإنه لا يمكن أن يتوقع أي فائدة من ذلك ، وهنا يمكن أن نشير أيضًا إلى حقيقة هامة وهي أنه من أجل أن يكن لدينا نبتة صالحة من الأبناء ، لابد من غرس العادات الجيدة والقيم الأخلاقية البناءة في أطفالنا ، فما نزرعه في الصغر نجنيه في الكبر .قصة المثل :
المثل بالإنجليزية يعني As you sow so shall you reap ، ويقصد به أنك ستحصد ما زرعته يداك ، وللمثل قصى وقعت في ممالك الهند القديمة ، فيحكى أنه ذات مرة كان هناك اثنين من الملوك ؛ الذين حكموا شعوبهم في مملكتين متجاورتين .الأول كان الملك آريان المحارب العظيم ، الذي رعى شعبه وحكمه بطريقة عادلة حكم جيد للغاية ، حتى أن كل شعبه أحبه ؛ لأنه كان دائمًا يوفر لهم الأمان والرفاهية ، و يطمح لجعل جميع رعاياه يعيشون في حياة سعيدة وصحية .أما الثاني فكان الملك فيشال ، وهو على عكس الملك آريان كان رجل كسول جدًا يحب قضاء وقته في التسلية والرقص والمتع الزائلة ، ولا يهتم بشعبه سوى اهتماما ضئيلا لا يكفي لتلبية حاجاتهم وتنمية مملكتهم .وكان شعبه غاضبًا منه جدًا ومستاء من عدم خروجه من القصر ، للنظر في احتياجاتهم أو الاستماع إلى مشاكلهم ، وفي يوم من الأيام قرر أحد السلاطين الأقوياء ضم تلك المملكتين إلى نطاق حكمه ، فأعد جيشًا جرارًا وزحف به على حدودهم .كان جيش الملك آريان في حالة تأهب ، وكان مستعدًا تمام الاستعداد لمواجهة الهجوم القادم من ذلك السلطان الغاشم ، وعلى الرغم من أن شعبه كان يعرف أن العدو أكثر قوة وعتاد ، حبهم لملكهم كان يؤجج فيهم نار العزيمة والكفاح ؛ لدرجة أن النساء والأطفال كانوا على استعداد للخروج إلى جبهة الحرب ، والقتال من أجل حماية ملكهم الطيب .وعلى العكس كانت القصة مختلفة في مملكة الملك فيشال ، فعندما سمع شعبه عن الحرب الوشيكة ، بدأ جميع الناس يفرون إلى الممالك المجاورة للنجاة بأنفسهم ، وتركوا الملك يواجه مصيره وحيدًا .فلم تكن مملكته مهتمة بحماية ملكهم الذي لم يفعل شيئًا لرفاهيتهم ، وهنا أدرك الملك فيشال حماقته ولكن كان فوات الأوان ، فقد هزم في الحرب وهرب للنجاة بحياته ، من بطش السلطان الغائر ، وبهذا حصد الملك آريان ما زرعه في شعبه من حب ورعاية ، واستطاع بمعاونتهم هزيمة السلطان ، ومهد الطريق لشعبه للعيش في سلام .ففي الأوقات العصيبة دائمًا يظهر نتاج ما نفعله مع الآخرين ، إن تخلى عنا الجميع فنحن السبب ، وإن تكاتفوا معنا وظلوا يدعموننا فأيضًا نحن السبب ، لذا يجب علينا دائمًا أن ننتبه لنوع النبتة التي نزرعها .