إن الوجود الإنساني ينبثق منه الاختلاف بين طبقات البشر ؛ فهناك الغني وهناك الفقير ؛ وكلا الاثنين يعيش حياته بشكل طبيعي ؛ كما أنه يعتاد على الصورة اليومية لحياته ؛ غير أن الفقير قد تنقصه الكثير من الاحتياجات الضرورية ؛ والتي يحاول جاهدًا توفيرها أو الاستغناء عنها .لا يُعتبر الفقر عائقاً في حياة البشر ؛ بل يُعتبر دافعًا للسعي وراحة البال ؛ والتي قد لا تتوفر مع كثرة المال ؛ لذلك فإن الفقير يُعد أيضًا غنيًا بقناعته وبساطة حياته التي لا تُسبب له أي ازعاج ، وقد تطرقت الأمثلة الشعبية إلى الحديث عن الفقر والغنى ؛ باعتبارهما عاملين أساسيين في الحياة البشرية .تحدثت الأمثال الشعبية الإسبانية عن وصف للشخص الفقير حقًا والذي يحتاج إلى الشفقة لأنه وضع نفسه في إطار فقر النفوس ؛ حيث يقول المثل الوارد باللغة الإسبانية No es pobre el que tiene poco, sino el que mucho desea وهو يعني باللغة العربية “ليس فقيرًا مَنْ يمتلك القليل ؛ بل مَنْ يريد الكثير”.المثل يتحدث عن الأشخاص التي تتطلع إلى الزيادة الدائمة ؛ مما يجعلها ضعيفة النفوس ؛ وينظرون دائمًا إلى ما في أيدي غيرهم ؛ ذلك النوع البشري يُصاب بمرض الطمع والجشع ؛ ولا تُغنيه القناعة عن النظر إلى الآخرين ، وقد تكون تطلعاته بحجم يفوق أدائه العملي بكثير ؛ حيث أنه يُقحم نفسه في دائرة التفكير في أطماعه التي لا حد لها .القناعة التي تبدو عند الفقير تجعل منه شخص غني ؛ مما يجعله يعيش في هدوء وراحة وسكينة ؛ حيث لا يتطلع إلى ما يملك الآخرون ؛ فيعيش حياته موازنًا بين احتياجاته وبين ما يملكه ؛ فلا يتعب أو يمل من حياته ؛ بعكس أولئك الذين يطمعون إلى الكثير ؛ ولكنهم لا يطمحون إلى العمل الجاد ؛ لذلك فإن الفقير هو الذي يريد الكثير .