يعد هذا المثل أحد الأمثال العربية القديمة التي شاع ذكرها إبان موت معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، ويضرب هذا المثل فيمن يُرى منه ما لا يمكن أن يخرج منه وأصل هذا المثل أن معاوية بن أبي سفيان أراد البيعة من بعده لابنه يزيد ، فدع عمرًا وعرض عليه البيعة لابنه فأبى ، فلما امتنع لم يرغمه معاوية وتركه .ولكن حينما زادت العلة على معاوية ابن أبي سفيان وأوشك على الموت ، دعا ابنه يزيد وقال له : إذا وضعتم سرسري على شفير حفرتي فادخل أنت القبر ومُر عمراً يدخل معك ، فإذا دخل فاخرج فاخترط سيفك ومره فليبايعك ، فإن فعل وإلا فادفنه قبلي .وبالفعل نفذ يزيد ما قاله أبيه فبايع عمرو وقال له :
ما هذا من كيسك ، ولكنه من كيس الموضوع في اللحد فذهبت مثلًا ، ويقصد بذلك أن هذا الدهاء والترتيب ليس من عقل يزيد إنما كان من عقل أبيه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه الذي اشتهر بالدهاء والذكاء .ففي واقعة أخرى له مع عمرو بن العاص أثناء موقعة صفين ، أن عمرًا قال له : لما لا تنزل إلى ابن عمك علي وتتبارزان فأيكما قتل صاحبه أراحنا وانتقل الحكم إليه ، ففطن له معاوية وقال له : أما علمت أنه ما برز إليه أحدًا وعاد سالمًا ، أتريدها لك ولابنك من بعدك .ثم أقسم عليه معاوية بصفته أمير المؤمنين أن ينزل لقتال سيدنا علي بن أبي طالب ، فنزل مضطرًا ولما رآه قد أقبل عليه كشف له عن عورته وهو يقول مكرهًا أخاك لا بطل ، فلما فعل ذلك لم يمسسه سيدنا علي رضي الله عنه لأنه كان لا يقتل أحدًا وقع على الأرض وانكشفت عورته .وكان عمرو رضي الله عنه يعلم بهذا من أمر سيدنا علي فضمن عودته سالمًا بما فعل ، فقد كان رضي الله عنه هو ومعاوية بن أبي سفيان وزياد ابن أبيه والمغيرة ابن شعبة من أعتى دهاة العرب المشهورين .