يعد هذا المثل أحد أشهر الأمثال الشائعة في منطقة شبه الجزيرة العربية وخاصة عند البدو الذين يقولون في هذا : (يحشم الكلب من أجل راعيه
، فالعادات والتقاليد تمنح الكلب المملوك الحماية وتجعل أي اعتداءً عليه بمثابة اعتداء على صاحبه وانتهاك لحقوقه .ومن الغرامات الغريبة التي تدفع في قتل الكلاب غرامة (حق الجعري) ويقصد به كلب الحراسة حيث يقوم أحدهم بمسك الكلب من ذيله ورفعه عن الأرض بطريقة طولية حتى يلامس فمه الأرض ، وعندها يقاس طول الكلب بدب عصا في الأرض توازي في طولها طول الكلب ، ثم يلزم قاتل الكلب بصب القمح الصافي فوق العصا حتى يغطيها تمامًا ، وهذه الكمية من القمح هي الغرامة الواجب دفعها عند تعمد قتل الكلب ما لم يكن القتل تم دفاعًا عن النفس .وهناك قصة حقيقية تحفز على أخذ دية الكلب ذكرها ديكسون في كتابه الكويت وجاراتها عن كهلًا بدويًا كان يعيش مع ثلاثة من أبنائه الشباب وأسرهم في خيمة واحدة ، وذات مرة نزلت الأسرة بالقرب من إحدى الأبار في الصيف ، وكان إلى جوارهم ينزل راعٍ فقير من نفس القبيلة .كان هذا الراعي يملك عشرة أغنام وجملين فقط وكلبًا لحراستهم ، وحدث أن رجلًا من نفس القبيلة جاء لزيارة الراعي الفقير في أمرٍ ما وأثناء عودته اعترض الكلب طريقه ، ولما لم يستطع إبعاده أخرج سلاحه وصوب إليه طلقة في رأسه أودت بحياته ، ووفقًا لقانون البدو المطبق منذ القدم يتحتم على الجار حماية جاره .لذا ذهب أبناء الكهل إلى أبيهم يسألونه الرأي والمشورة في أمر قتل كلب جارهم وما ينبغي أن يفعلونه ، فأجابهم بإجابة قاطعة وهي أن يقتلوا قاتل الكلب ، فتعجب الشبان الثلاثة من قول والدهم وظنوا أنه يخرف وأنه من الحماقة أن يُقتل رجلًا مقابل كلب !وبدلًا من أن يقوموا بتنفيذ ما طلبه منهم والده ذهبوا إلى الراعي الفقير لكي يهدئوا من روعه ويطيبون خاطره ، وبالفعل تمكنوا من هذا ورغم تعالى الصيحات المنددة من خيام البدو المجاورة بفعلة القاتل وتوجيه أقسى عبارات الذم والتقريع إليه إلا أن الهدوء ساد المنطقة وظن الجميع أن المسألة انتهت هكذا .ولكن حدث انتهاك جديد لقانون البدو في حق نفس الراعي بعد أسبوعين فقط من قضية قتل الكلب ، فقد سلب بعض الشبان حصة الراعي من المياه بالقوة وحينما اعترضوا على ما فعلوه معه أوسعوه ضربًا فجر نفسه إلى خيمته وهو يئن وينتحب مناديًا بحق الجيرة ، فذهب الشبان إلى أبيهم الكهل مرة أخرى وقصوا عليه ما حدث مع جارهم الراعي الفقير .فأجابهم الأب قائلًا : (اقتلوا قاتل الكلب) ، فخرج الشبان من عند أبيهم وهم على غرار المرة السابقة يشككون بعقله ، ويعتقدون أن قوله هذا ما هو إلا نوعٌ من الخرف ، ولهذا لم يحركوا ساكنًا أو يفعلوا شيئًا لنصرة جارهم الضعيف ، فوقع الانتهاك الثالث حيث قام واحد من شيوخ القبيلة الصغار في السن بمصادرة بعض أغنام الراعي بالقوة ودون دفع أي مقابل .فذهب الشباب مرة أخرى إلى والدهم يقصون عليها ما حدث ويسألونه المشورة ، فقال لهم : لا تسألوني المشورة فقد أخبرتكم بما عليكم فعله سابقًا ولكنكم لم تفعلوا ، إن قتلتم قاتل الكلب سوف تتوقف كل هذا الانتهاكات والعدوان على الراعي الضعيف ، فاشتعلت الحماسة في نفوس الشبان وخرجوا بهمة يبحثون عن قاتل الكلب حتى وجدوه وقتلوه .وبعد أن فعلوا هذا رحب العرب جميعًا بما أقدموا عليه ، كنوعٍ من التعويض العادل الذي أعاد حقوق هذا الراعي الضعيف ، فقد قام كل المنتهكون بالاعتذار منه وردت أغنامه إليه حتى ثمن الكلب القتيل ، وعاد الهدوء يسيطر من جديد على أهل البادية وأصبح الخوف من العقاب واحترام الضعيف هو القانون السائد .