لا تقتصر الأمثال الشعبية على شعبٍ دون الآخر ، فقد اشتهرت معظم البلدان العربية بإطلاق الأمثال ، لأنهم كان يتسمون بطلاقة اللسان ووضوح البيان والقدرة على نظم الجمل والعبارات الرصينة ، بما يتناسب مع مواقفهم الحياتية .وكان للعلاقات الاجتماعية نصيب الأسد في تلك الأمثال ، كالحديث عن علاقة الرجل وزوجته أو زوجاته إن كان معدد ، وعلاقته بأبنائه وأبويه وحموه ونفس الشيء بالنسبة للزوجة ، وأيضًا تناولت الأمثال الشعبية علاقة الرجل بجيرانه وأصدقائه وكل من هم في بيئته الاجتماعية .ومن تلك الأمثال التي تناولت علاقة الرجل بجيرانه هذا المثل القائل ” اسأل عن الجار قبل الدار” ، جارك القريب ولا أخوك البعيد ، الجار جار ولو جار ، الجار أولى بالشفعة ، جاور السعيد تسعد ، اللي يجاور الحداد ينكوي بناره ، إن كرهت جارك غير باب دارك ، وغيرها من الأمثال الكثيرة عن الجار الجيد والجار السيئ .قصة المثل :
بالقرب من دار أبو دف البغدادي كان يعيش رجل ضاق عليه الحال ، واشتدت به الحاجة بعد أن استدان فقرر بيع داره التي تؤويه بعد عشرين سنه من امتلاكه لها ، ولكنه عرض الدار للبيع بسعر غريب لا يتناسب مع قيمة الدار الحقيقية ، فقد كانت قيمتها لا تتجاوز الـ 500 دينار أما ما عرضه فكان ألف دينار ، وبالطبع لم يقبل أحد على شراء الدار بضعف ثمنها .فنصحها الناس والأصدقاء بأن يخفض من ثمنها حتى يتوافد عليه المشترين ، ولكنه أبى أن يفعل ذلك ولما علم أبو دف البغدادي بأمر جاره وتشدده في بيع الدار بهذا الثمن الذي لا يوازي قيمة الدار الفعلية ، نصحه هو الأخر وقال له نفس ما قال الجيران ، فقال الرجل المتعسر : إنني أبيع الدار بخمسمائة والجيران بخمسمائة ، فعندما اشتريت الدار قبل عشرين عامًا لم أفكر إلا في الجيرة الطيبة .فحتى بعد زواج أبنائي لم أفكر في بيع الدار بسبب الصداقة والعشرة التي جمعتني بجيراني ، ولكن حاجتي غلبت رغبتي فلما سمع أبو دف هذا الكلام من جاره ، وقع منه موقع المفاجأة وقرر وقتها أن يساعد جاره في تسديد ديونه دون أن يضطر إلى بيع داره وترك جيرانه الذين أحبهم ، وثمنهم بثمن الدار .