دائمًا
ما نستخدم كلمة للخرافة للحديث عن أي رواية أو قصة تبدو غير حقيقية ويتناقلها أو
يصدقها الناس ، وقديمًا قال العرب ” أكذب من خرافة ” وهو مثل شائع يطلق
على أي شخص يروي حكايات غير منطقية أو غير حقيقية أو لا يمكن تصديقها .والخرافة
في اللغة هي الفكرة القائمة على التخيلات أو البعيدة عن العقل والعلم والمعرفة ،
ولكن في الواقع فغن كلمة “خرافة ” هي اسم شخص عاش قديمًا بين العرب وضرب
به المثل في رواية القصص الأسطورية .وخرافة
الحقيقي هو خرافة العذري من بني عذرة ويقال أن خرافة غاب عن أهله لفترة ، وعندما
عاد أخبرهم أن الجن قد اختطفوه ، وأنه عندما عاد إلى أهله روى لهم حكايات عجيبة من
عالم الجن ، فلم يصدقوه وقال أنه كاذب وكانوا كلما سمعوا حديثًا خارج عن المعقول
يقولوا ” أكذب من خرافة ” .ومن بين
الحكايات التي رواها خرافة أن ثلاثة من الجن قد اختطفوه ، فتنازعوا بينهم ، فقال
الأول نقتله ، وقال الثاني نأخذه عبد وقال الثالث بل نطلق سراحه ، وبينما هم
يتنازعون حول مصير خرافة مر بهم جني أخر وأمامه ثور ، فقال لهم هل أخبركم بقصة
عجيبة وتجعلوني شريكًا لكم في مصير هذا الرجل ، فوافقوا .فقال لهم
الجني الرابع لقد ذهبت أنا وإخوتي السبعة لخطبة ابن عمي وكان عمي يملك هذا الثور
فهرب ، فقال لنا عمي من يمسك هذاالثور سوف أزوجه ابنتي ، فذهبت أطارده وأنا على
هذا الحال منذ سبعين عامًا فإذا وقفت وقف الثور وإذا تحركت تحرك .فوافق
الثلاثة على أن يشارك الجني الرابع في تقرير مصير خرافة ، وإذا هم واقفون مر بهم
جني أخر فقال لهم مثلما قال الرابع فوافقوا على أن يشارك في تحديد مصير خرافة على
أن يحكي لهم حكاية عجيبة ، وقال الجني الخامس لقد كنت رجلًا وسافرت للبحث عن عيشي
، وإذا أنا أسير في الصحراء فاستبد بي العطش فسرت حتى وجدت بئر في الصحراء ، فنزلت
لأشرب منه فسمعت صائح يصيح بي فصعدت لأنظر من يصيح فلم أجد أحدًا .وعندما
نزلت المرة الثانية سمعت نفس الصوت فخرجت من البئر ولم أجد أحدًا ، وفي المرة
الثالثة سمعت الصوت فلم أكترث وشربت ، فسمعت صوتًا يقول اللهم إن كان رجلًا فامسخه
أنثى ، فتحولت إلى امرأة ووصلت إلى قرية بعيدة وتزوجت بها وأنجبت طفلين .وبعد مدة
اشتقت إلى بلدتي القديمة فسرت بنفس الصحراء وعدت إلى نفس البئر وسمعت نفس الصوت
فتركته وشربت الماء فدعا ، اللهم إن كان رجلًا فامسخه امرأة وإن كانت امرأة فامسخها
رجلًا ، فعدت إلى هيئتي الأولى ورجعت إلى بلدتي وتزوجت وأنجبت طفلين فأبح لي أربعة
أبناء اثنين من بطني واثنين من ظهري .فلما سمع
الجان الأربعة هذه الحكاية وافقوا على أن يجعلوه شريك في مصير خرافة .وقبل أن
يقرروا مصيره مر بهم جني سادس يركب بغلة ومعه غلام يركب بغلة وطلب منهم أن يحكي
لهم حكاية عجيبة في مقابل أن يجعلوه شريك معهم فوافقوا ،فقال لهم
أنه ابن ملك من ملوك الجان وقد مات والدهم ، ولكنه علم من غلام عنده أن والدته
كانت تخون والده مع أحد العبيد ، فلما علمت والدته أن أمرها قد انكشفت جهزت له سحر
هو وغلامه ، ولكنه اكتشف أمر السحر فجعلها تشرب سحرها هي والعبد فتحولا إلى بغلين وهما
اللذان يركباهما، ولما أشار للبغلين وسألهما إن كان يقول الحقيقة فهزا رأسيهما
بالموافقة .وعندما
سمعا حكاية الجني السادس وافقوا على أن يقرر معهم مصير خرافة ، فاتفقوا جميعًا على
أن يطلقوه ، وعاد خرافة إلى أهله ليروي لهم تلك العجائب .