تم إطلاق أول طائرة فضائية في 21 يونيو 2004م من صحراء كاليفورنيا ، برحلة تجارية إلى الفضاء وأطلق علي الرحلة SpaceShipOne ، واستمرت الطائرة الفضائية بالارتفاع إلى 35،000 قدم كما تفعل معظم الطائرات التجارية ، ثم استمرت في الصعود وأخيرًا وصلت إلى ارتفاع أعلى قليلاً من خط كارمان .وهو الحد البالغ 100 كيلومتر بين الغلاف الجوي للكرة الأرضية والفضاء الخارجي ثم عادت إلى الأرض ، وبهذا الانجاز حققت الطائرة التجريبية التي تعمل بالطاقة الصاروخية ، وطاقمها معلمًا رئيسيًا فهي أول مركبة فضائية خاصة مأهولة تصعد إلى الفضاء بنجاح .كسر احتكار ناسا :
لقد كان السفر من قبل إلى الفضاء ممكنًا فقط من خلال وكالة ناسا الأمريكية ، وبعد ذلك كان البرنامج الفضائي للاتحاد السوفييتي السابق هو الذي وضع البشر في الفضاء في 12 أبريل 1961 م ، بينما قفزت الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء التابعة للولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك بثمان سنوات عن طريق كونها أول دولة تضع إنسانًا على القمر .ومع وجود قيود قانونية احتكارية وتكلفة عالية لبعثة المكوك تبلغ 450 مليون دولار ، لم يكن لدى الشركات الخاصة حافزًا كبيرًا لمواصلة رحلات الفضاء التجارية ، كل هذا أحدث تغييرًا كبيرًا في مطلع القرن الحادي والعشرين ، ومن خلال تشريعات جديدة لأميركا مثل قانون إطلاق الفضاء التجاري لعام 1984م ، أتيحت الفرصة للشركات الخاصة لتطوير واختبار أنظمة الإطلاق التجارية .في ذلك الوقت كان المقصود من التشريع في المقام الأول ، تشجيع التقدم في مجال النقل الفضائي التجاري ، وقد شجع هذا الاتجاه رفع القيود عن عدد كبير من رجال الأعمال ، وتشجيعهم على زيادة الاستثمار في ما كان يشكل نوعًا جديدًا من سباق الفضاء .ففي عام 2000م أسس مؤسس الأمازون والرئيس التنفيذي جيف بيزوس شركة Blue Origin ، وهي شركة ناشئة في مجال الطيران تهدف إلى تطوير تقنيات تجعل السفر إلى الفضاء حقيقة ممكنة ، ثم تبعه في عام 2004 م فيرجن غالاكتيك حيث انطلق بوحدته الفضائية التجارية الخاصة بمشروع سري للغاية .وهو مشروع Tier One ، وقد كان هذا البرنامج الفضائي التجاري سري في الماضي ، وهو يعد واحدًا من أوائل مشاريع استكشاف الفضاء الخاصة بالمشاريع الخاصة ، لقد تم البدء في Tier One في منتصف التسعينات من قبل مهندس في مجال هندسة الطيران ، وتم دعمه بتمويل من المليارديروالشريك المؤسس لشركة بيرت روتان .وبشكل جدي بدأ يعمل على التصاميم المهندس بول ألان ، وكان المطلوب من الطائرة أن تكون قادرة على تحمل ثلاثة ركاب من البشر ، وتعمل طاقتها بواسطة نظام صاروخي وعندما تصل إلى ارتفاع 15 كيلومترًا ، تندفع مرة واحدة في الفضاء الخارجي ثم يتم إعادتها مرة أخرى إلى الغلاف الجوي للأرض ، وتهبط علي الأرض أفقيا على المدرج .ويبلغ طول النموذج الأولي لطراز روتان 28 قدمًا ، مع جسم الطائرة الذي يبلغ طوله خمسة أقدام وطول جناحيه 16 قدمًا ، وتعمل بمحرك صاروخي فضائي حيث يتم توليد الدفع بحرق خليط وقود ، مكون من مادة (مطاط الإطارات) وأكسيد النيتروز (غاز الضحك) ، مما يقلل من المخاطر والتكاليف المحتملة لتخزين الوقود المؤكسد ، المستخدم لتوليد الاحتراق ولإكمال الرحلة من الأرض إلى الفضاء الخارجي والعودة مرة أخرى .تحولت SpaceShipOne إلى ثلاثة أشكال مختلفة ، الإقلاع ثم الدخول للفضاء ثم الانزلاق والعودة إلى الأرض اعتمادًا على مراحل متعددة ، كان الطيار يستعد لإعادة الدخول عن طريق طي ووضع الجزء الخلفي من الأجنحة ، على شكل زاوية وبشكل عمودي تقريبًا مع الجزء الأمامي من الأجنحة ، كانت الفكرة هي زيادة السحب والمساعدة في تثبيت الطائرة أثناء انزلاقها إلى أسفل ، مما يسهل على الطيار توجيهها .ثم يتم ضغط الجزء الداخلي من SpaceShipOne ، بحيث يتمتع الركاب بجو تنفس على مستوى البحر، إن الحفاظ على المقصورة بمستوى ضغط ثابت ومريح يعني أن البدلات الفضائية لم تكن ضرورية ، ولقد تم تجريب الطائرة باستخدام نظام ملاحة الطيران .وهو نظام خاص يستخدم gps وأجهزة الاستشعار ، لنقل المعلومات وواجهة العرض التي يستخدمها الطيار في كل مرحلة من الرحلة ، وهي : مرحلة التعزيز ، الاندفاع ، إعادة الدخول ، والانزلاق ، ولإطلاق الطائرة الفضائية صممت شركة روتان حاملة تسمي وايت كينج ، وهي مثل السفينة الأم ولدى تلك الطائرة أجنحة تمتد حوالي 82 قدمًا ، مما مكنها من حمل spaceshipone تحتها فيما يسمي بالتكوين الطفيلي .الانطلاق إلى الفضاء الخارجي والتقاعد :
قامت SpaceShipOne بأول رحلة تجريبية تعمل بالطاقة الفضائية في 17 ديسمبر 2003م ، والتي ومن قبيل الصدفة كانت الذكرى المائة لأول رحلة طيران تعمل بالطاقة في العالم ، والتي أطلقها الأخوان رايت .والجدير بالذكر أن الطائرات المملوكة من القطاع الخاص أصبح يمكنها مغادرة الغلاف الجوي للأرض ، فقد حقق فريق SpaceShipOne انجازًا أخر أيضًا حيث أصبح موقع إطلاق الرحلة الأولي للشركة ، هو المنفذ التجاري الأول المرخص و بعد بضعة أيام من الرحلة التجريبية ، أصبح الطيار مايك ميلفيل أول شخص يحصل على ترخيص رائد فضاء تجاري .ثم نفذت SpaceShipOne رحلتين تجريبيتين أخريين ، فارتفعت إلى ارتفاع يصل إلى 112 كيلومترًا ، وقبل أن تتقاعد تلك الطائرة الرائدة و بعد رحلة الاختبار النهائية للطائرة في 4 أكتوبر 2004 م ، تم عرضها في عدد قليل من العروض الجوية ، وذلك قبل أن يتم نقلها من قبل وايت نايت إلى المتحف الوطني للطيران والفضاء التابع لمؤسسة سميثسونيان ، حيث يتم عرضها هناك للزوار .لقد تم إحراز تقدم كبير منذ رحلة SpaceShipOne التاريخية ، وتأمل شركات الطيران الخاصة أن تجعل السفر إلى الفضاء أقل تكلفة ، من خلال تحسين نظام إطلاق يمكن إعادة استخدامه بشكل آمن وفعال ، حيث يواصل مهندسو الطيران في شركات مثل SpaceX إحراز تقدمًا مماثلًا ، مما يجعلنا نقترب من مستقبل الرحلات التجارية الفضائية .