تزوج أبو كبير الهذلي ؛ ويقال له عامر بن الحليس ، أم تأبط شرًا وكان غلامًا صغيرًا فتنكر له ، وعرف ذلك أبو كبير في وجهه ، إلى أن ترعرع الغلام فقال أبو كبير لزوجه : ويحك ، قد والله رابني أمر هذا الغلام ، ولا آمنه قالت: فاحتل عليه حتى تقتله .فقال له ذات يوم: هل لك أن تغزو ؟ فقال: ذاك من أمري ، فقال : فامض بنا فخرجا غازيين ولا زاد معهما ، فسارا ليلتهما ويومهما من الغد ، حتى ظن أبو كبير أن الغلام قد جاع ، فلما أمسى قصد به أبو كبير قومًا كانوا له أعداء ، فلما رأيا نارهم من بعد قال له أبو كبير: ويحك ، قد جعنا! فلو ذهبت إلى تلك النار فالتمست لنا منها شيئًا ، فمضى تأبط شرًا .فوجد على النار رجلين من ألص من يكون من العرب ، وإنما أرسله إليهما أبو كبير ليقتلاه ، فلما رأياه قد غشي نارهما وثبا عليه ، فرمى أحدهما وكر على الآخر فرماه ، فقتلهما ثم جاء إلى نارهما فأخذ الخبز منها ، فجاء به إلى أبي كبير ، فقال له : كل ، لا أشبع الله بطنك ! ولم يأكل هو ، فقال: ويحك ، أخبرني عن قصتك ، فأخبره فازداد خوفًا منه .ثم مضيا في ليلتهما فأصابا إبلاً ، وكان يقول له أبو كبير ثلاث ليال : اختر أي نصفي الليل شئت تحرس فيه وأنام ، وتنام النصف الآخر ، فقال : ذلك إليك ، اختر أيهما شئت ، فكان أبو كبير ينام إلى نصف الليل ويحرسه تأبط شرًا ، فإذا نام تأبط شرًا نام أبو كبير أيضًا ، لا يحرس شيئًا حتى استوفى الثلاث .فلما كان في الليلة الرابعة ، ظن أن النعاس قد غلب على الغلام ، فقام أول الليل إلى نصفه ، وحرسه تأبط شرًا ، فلما نام الغلام قال أبو كبير : الآن يستثقل نومًا وتمكنني فيه الفرصة ؛ فلما ظن أنه استثقل أخذ حصبة صغيرة فحذف بها ؛ أي رمى بها فقام كقيامه الأول ، فقال: ما هذا الذي أسمع ؟قال: والله ما أدري لعل بعض الإبل تتحرك ، فقام وطاف فلم ير شيئًا ، فعاد فنام فأخذ حصاة أصغر من تلك ، فرمى بها فوثب فطاف ورجع إليه ، فقال : يا هذا ؛ إني قد أنكرت أمرك ؛ والله لئن عدت أسمع شيئًا من هذا لأقتلنك ! قال أبو كبير : فبت والله أحرسه خوفًا أن يتحرك شيء من الإبل فيقتلني !فلما رجعا إلى حيّهما قال أبو كبير:ولقد سريت على الظلام بمغشم .. جلد من الفتيان غير مثقل
ممن حملن به وهن وهن عواقد .. حبك النطاق فشب غير مهبل
حملت به في ليلة مزءودة .. كرهًا وعقد نطاقها لم يحلل
فأتت به حوش الفؤاد مبطنًا .. سهدًا إذا ما نام ليل الهوجل
وإذا تبذت له الحصاة رأيته .. ينزو لوقعتها طمور الأخيل
وإذا يهب من المنام رأيته .. كرتوب كعب الساق ليس بزمل
ما أن يمس الأرض إلا منكب .. منه وحرف الساق طي المحمل
وإذا رميت به الفجاج رأيته .. يهوى مخارمها هوى الأجدل
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه .. برقت كبرق العارض المتهلل
يحمي الصحاب إذا تكون كريهة .. وإذا هم نزلوا فمأوى العيل