كثيرًا ما نسمع عن بعض عمليات التعذيب ، وأكثرها ما ينصب على بني البشر ، ولكن في نوع أخر من التعذيب نجد أنه يكثر بين الحيوانات ، حيث يتم فصل الفيلة الصغار في جنوب شرق آسيا من أمهاتهم وتعذيبهم من أجل السياحة ، فالعملية المطلوبة لتدريب الأفيال الأطفال على المشاركة في رحلات السياح ، تعتبر قاسية بشكل مأساوي .حيث تتخذ مجموعات حقوق الحيوان ووكالات السفر موقفًا ضد هذه الممارسة ، خاصًة بعد أصبحت الفيلة الأطفال في جنوب شرق آسيا عرضة لممارسة الاتجار الدولي ، وهذا الاتجار يُغذي صناعة السياحة المزدهرة في تايلاند ، حيث تقوم أحد الأنشطة السياحية الأكثر شعبية هناك على القيام بجولة على أحد الأفيال عبر الغابة .ولكن بمجرد فهمك لعملية التدريب المرعبة الضرورية لصنع فيل قادر على إعطاء هذه المتعة للإنسان ، والطرق التي يسلكها الخاطفون لتحقيق ذلك ، فبالتأكيد لن تفكر في الرغبة في تجربة ركوب الفيل في حياتك ، فعجول الأفيال الصغيرة يتم فصلها عن أمهاتهم بعد الولادة ثم تعذيبهم وتدريبهم .إن الخطوة الأولى في عملية تدريب الأفيال هي أن يجد الصيادون أطفال الأفيال في البرية ، ويفصلونها عن عائلاتهم فهذه الأطفال مرغوبة للغاية نظرًا لأنها أسهل بكثير في التدريب ، وبالتالي فهذا يؤدي إلى ارتفاع أسعارها في السوق السوداء .والقصة تبدأ بأن يذهب بعض الصيادين إلى قتل الفيلة الأم التي تحاول حماية صغارها ، وقد ساهمت هذه الممارسة على الأرجح في الانخفاض الكبير في عدد الفيل الآسيوي خلال القرن الماضي ، ويحكي لنا الرئيس التنفيذي لشركة Trafalgar Gavin Tollman ، وهي علامة تجارية للسفر ونمط الحياة عن ذلك .ويقول : كانت القارة الآسيوية مأهولة في وقت ما بأكثر من 3.5 مليون من الأفيال البرية ، واليوم لا يوجد سوى 415 ألف فيلًا بريًا متبقيًا ، ولا تعاني الأفيال فقط من جراء السياحة ولكن يتم اصطيادها أيضًا بسبب أنيابها العاجية ، وكلاهما يساهم في الانخفاض الكبير في عدد الأفيال على مدى المائة عام الماضية .عملية سحق الروح لدى الفيلة “Phajaan” :
بعد أن يلتقط الصيادون الأفيال الصغار ، يعرضونهم لممارسة بربرية تسمى “فاجان” ، والتي تعني في الأساس “كسر الروح” والهدف منها هو جعل عجل الفيل خاضعًا بشكل كلي للإنسان ، وهي عملية قاسية بشكل لا يصدق ، حيث يتم فيها عزل وتقييد الأفيال ، وعادةً ما تكون محصورة في قفص صغير .حيث تكون قدرتها على الحركة ضعيفة جدًا أو غير قادرة تمامًا على الحركة ، ثم يتعرضون للتعذيب بشكل كبير والذي يتضمن عادة طعن أجسادهم بشكل متكرر بأدوات حادة ، أو ضربهم بقطع من الخشب ، ويتم ذلك لتدريب الفيلة الصغار على أن يخافوا من البشر ، وأن يخضعوا لها تمامًا ولهذا الأمر تأثيرات جسدية وكذلك نفسية على الحيوان .وتقول نورا ليفينغستون مديرة مؤسسة “تجربة الحيوان الدولية” ، عن عملية تعذيب الفيلة التي تسمى “فاجان” : تخيل كونك حيوانًا اجتماعيًا يبلغ وزنه 5000 كيلوغرام (1100 باوند) ، ولا يُسمح لك إلا بالمشي بخطوتين في أي اتجاه بسبب سلسلة حول ساقك في بشرتك الحساسة مما يسبب لك النزيف ، كل هذا وأنت وحدك بعيد عن عائلتك !وتظهر الأفيال الصغيرة أعراض اضطراب شديد بمجرد اكتمال هذا “التدريب” ، الذي لا يمكن وصفه إلا بأنه اضطراب ما بعد الصدمة ، ويشرح كارتيك ساتيانارايان المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة Wildlife SOS ، أن الأفيال التي تستخدم في الركوب في الهند ، شُوهد لديها سلوك غريب يشير إلى عائق عقلي شديد وتدهور مثل تمايل الرأس والتأرجح .أزمة دولية للحياة البرية :
إن المعدل المذهل الذي انخفضت فيه أعداد الأفيال في آسيا قد أثار قلق جماعات الدفاع عن حقوق الحيوان ووكالات السفر ، وطلب المؤسس المشارك في شركة Intrepid Travel جوف مانشيستر ، وهي وكالة سفريات مقرها في إنجلترا ، من السائحين المسافرين إلى تايلند بشكل صريح عدم السعي إلى ركوب الأفيال ، خلال فترة إقامتهم .وشرحت الشركة لماذا أوقفت ركوب الأفيال في رحلاتها ، بعد أن اعترف مانشستر باعتماد تجربة ركوب الأفيال لعملائه ، لكنه توقف عن القيام بذلك في عام 2014م وقال: “الدليل قاطع جدًا على أن هذا الأمر كان له تأثير كبير على كل من اتبعوا سياسة ركوب الأفيال” ، وأشار إلى أن هناك فقط 6 من أصل 114 موقع ركوب للفيلة ، تعالج الحيوانات بشكل صحيح .وبحلول عام 2016م توقفت حوالي 160 شركة سفر عن تقديم رحلات استكشافية عن طريق ركوب الأفيال ، وتوقفت شركه أخرى تسمي TripAdvisor عن الإعلان عن مثل هذه الأماكن تمامًا ، والجدير بالذكر أن تعذيب الأفيال لا يتم فقط في جنوب شرق آسيا .فعمليات القتل والخراب غير المعقول للأفيال لأغراض تجارية منتشرة في جميع أنحاء العالم ، ومن بين الآلاف تقريبًا التي يتم استخدامها حاليًا للترفيه عن السياح ، يعيش حوالي 200 فيل فقط في أفريقيا ، حيث يتم قتل الفيلة هناك عادة لغرض الحصول على أنيابها العاجية .لكن تدريب الفيلة الصغار لكي تستخدم في الركوب للسياح هو اتجاه يتزايد في القارة أيضًا ، ووفقًا لمجموعة حماية الحيوانات العالمية التي تتخذ من لندن مقرًا لها ، يوجد حاليًا 39 موقع يقدم ركوب الفيل في جنوب أفريقيا ، وفي حين أن ركوب الأفيال هو بالتأكيد أمر غير مستحب ، هناك بالتأكيد طرق أخرى لتجربة هذه المخلوقات المهيبة أثناء زيارة البلدان .إحدى هذه الطرق هي النظر إلى وكالات السفر التي تنص صراحة ، على أنها لا تدعم مواقع تجارب الأفيال التي وجدتها تسيء معاملة حيواناتها وتعذبها ، فملاذات الأفيال الحقيقية لن تقدم أبدًا ركوب الأفيال أو الحيل الإجبارية أو أي شيء قد يذل الحيوان .وحسب الدكتور ساتيانارايان أن الملجأ ذو السمعة الطيبة ، هو الذي يحافظ على مصالح الأفيال ورفاهيتهم أولاً وقبل كل شيء ، كأن يكون لديهم موظفين بيطريين في متناول اليد ، وأن يعرفون حقًا عن إنقاذ الأفيال من المواقف المسيئة .