قصة الجاسوس ريتشارد فرانسيس بيرتون

منذ #قصص منوعة

كان المغامر الفيكتوري ريتشارد فرانسيس بيرتون Richard Francis Burton شاعرًا وجنديًا وجاسوسًا ومستكشفًا لا يستهان به ، ولقد وصف السير ريتشارد فرانسيس بيرتون في نعيه بأنه “واحد من أبرز الرجال في عصره” ، وهو بالتأكيد قد ارتقى إلى هذا التمييز  ، حيث كان بيرتون يعتبر لغوي جيد ، وجندي ، ومستكشف ، وجاسوس ، ومؤلف (من بين أشياء أخرى كثيرة) ، وكان يعيش حياة مغامرة لا مثيل لها ،  امتدت إلى ما يقرب من خمس قارات وسبعة عقود .المغامرات المبكرة لريتشارد فرانسيس بيرتون :
ولد ريتشارد فرانسيس بيرتون في ديفون بإنجلترا عام 1892م ، وحصل على أول طعم للمغامرة في سن مبكرة جدًا ، حيث كان يسافر حول العالم مع والده ، الذي كان ضابطًا في الجيش البريطاني ، وبالنسبة لصبي صغير كان لدى بيرتون موهبة غير عادية للغات (بحلول نهاية حياته ، فقد كان يتحدث بطلاقة في حوالي 40 لغة ، وادعى أنه يستطيع التحدث اليونانية واللاتينية قبل أن يبلغ الخامسة .وكان لبيرتون ميل للأحداث الصاخبة بالإضافة إلى اللغات ، فتم طرده من أكسفورد عام 1842م ، وبعد ذلك قرر الانضمام إلى جيش شركة الهند الشرقية ، التي كان سيحارب بها معارك بريطانيا العظمى مع خصوم مختلفين في مناطق بالهند وباكستان ، وقد جعلت مهارات بيرتون اللغوية منه ضابطًا ذكيًا مثاليًا ، كان قادرًا على استيعاب الثقافات المحلية كجاسوس .وخلال ذلك الوقت كان مشهورًا لأنه لم يكشف عن شخصيته الحقيقيه بفضل مهاراته اللغوية ، وبحسب ما ورد فقد احتفظ حتى بمجموعة من القرود على أمل أنه قد يتعلم لغتهم ، وفي الوقت نفسه ميز نفسه كمحارب ، كما قال أحد كتاب السيرة الذاتية ، بسبب “شيطنته كمقاتل ، ولأنه قتل في معركة واحدة الكثير من الأعداء وأكثر من أي رجل آخر في عصره ،  وبشكل عام فقد أمضى بيرتون عقدًا من الزمن في القيام بأعمال سرية في الهند ،  قبل أن يقرر الدخول في مغامرة جديدة .مغامرة الحج الى مكة :
في هذه المرحلة من التاريخ كانت مدينة مكة المقدسة “هي مدينة ممنوعة علي غير المسلمين ، حيث كانت محظورة تمامًا بسبب الدين، لكن ريتشارد فرانسيس بيرتون اعتقد أنه قادر على هذا هذا التحدي الفريد ، ووافقت الجمعية الجغرافية الملكية على تمويل مغامرته غير المسبوقة ،  بشرط أن ينجو من رحلته .وقد كفلت موهبة بيرتون للغات وإجادته للغة العربية والتخفي ، ألا يتم اكتشاف غطاءه (كشيخ يدعى عبدالله) بسهولة ، ولكن على حد تعبيره أي خطأ أو عمل متسرع أو كلمة سيئة التقدير ، أو خطأ في صلاة أو انحناء كانت ستكون نهايته الحتمية ، ولكنه تنكر بكل حرفية ودرس كل شىء ونجح فعلًا في دخول مكة ، وفي شهر سبتمبر من عام 1853م لم يدخل إلى مكة فقط ، بل دخل إلى الكعبة وهو المكان الأكثر قداسة في العالم كله للمسلمين .العثور على مصدر النيل :
ثم بعد ذلك أصبحت رحلة بيرتون إلى مكة تغرس فيه ذوقًا للمدن المحرمة. وفي عام 1854م أصبح أول أوربي حديث معروف بدخوله مدينة هرار في إثيوبيا الحالية ، وهو مركز خطير لتجارة الرقيق ، وكان هذا المكان مشهورًا بعدائه لجميع الغرباء ، وهناك دخل وعرف سرهم عن قرب وشاهد تجارتهم المحرمة ،  وتباهى لاحقاً وقال “كنت تحت سقف واحد مع أمير متعصب وكانت أقل كلمة فيها موتى .وفي عام 1856م قرر ريتشارد فرانسيس بيرتون أنه يريد إضافة “إنجاز آخر” إلى قائمة إنجازاته ،  فانطلق مع زميله المستكشف جاك سبيك في محالة للعثور على أصول النيل ، وكانت نقطة الانطلاق لأطول نهر في العالم غير معروفة حتى للمصريين ، لذلك أطلق الرجلان الإنجليز رحلة مروعة عبر أفريقيا ، حيث تعرض كلاهما لمرض خطير عدة مرات .وعندما اقتربوا من هدفهم ، أصبح بيرتون مريضًا أكثر من اللازم ، وواصل سبيك وحده إلى ما سيطلق عليه اسم بحيرة فيكتوريا ، وهي الإجابة على سر مصدر النيل ، كانت رحلة سبيك المنفرد إلى البحيرة بداية نزاع علني طويل بين المستكشفين المشهورين ، والذي انتهى فقط بموت سبيك من جرح ناري (ربما كان انتحاريًا) في عام 1894م .وعلى الرغم من مرضه بالقرب من فيكتوريا ، كان بيرتون قادر على استكشاف الكثير من المنطقة المحيطة ، وفي نهاية المطاف قام بتصنيف استطلاعاته حول الجغرافيا والناس في الكثير من شرق أفريقيا ، ونشر النتائج في عام 1860م تحت عنوان مناطق بحيرة أفريقيا الوسطى .رحلته بإفريقيا :
وفي العام التالي نشر بيرتون رحلته لإفريقيا ، وتزوج ريتشارد فرانسيس بيرتون من إيزابيل أرنولد ،  التي تعلمت القتال حتى تتمكن من الدفاع عن ريتشارد ، عندما تعرضوا للهجوم معًا في البرية ، ومع ذلك كانت الحياة الزوجية بمثابة بداية نهاية مغامرات بيرتون الأكثر جرأة ، على الرغم من أنه لم يكن بعيدًا عن رؤية العالم ، وقد حصل على وظيفة في وزارة الخارجية كقنصل أرسل إلى تركيا والبرازيل وجزيرة فرناندو بو الإفريقية .والعديد من المناصب الغريبة الأخرى قبل أن يتم تعيينه أخيرًا في تريست في إيطاليا الحالية ، ثم نال وسام الشرف من قبل الملكة فيكتوريا في عام 1886م ، وبعدها أمضى بيرتون أيامه الأخيرة في نشر ترجمات الأعمال الأجنبية ، التي جمعها خلال رحلاته بما في ذلك كتاب ألف ليلة وليلة ( الذي قدمه لأول مرة للأوروبيين باسم علاء الدين) وكاما سوترا .وفاته :
وأخيرًا توفي ريتشارد فرانسيس بيرتون في تريستي عام 1890م ، وكان قبره في لندن دليل على رحلاته ، حيث تم صنعه على شكل خيمة بدوية !

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك