لعلنا صرنا مقتنعون بأن الطفولة هي ما تحدد كيف سيكون المستقبل ، تلك الفترة التي تتشكل بها شخصياتنا وتنمو بها الغرائز ، والتي بملاحظتها يمكن أن نتجنب الكثير من المشاكل مع الوقت.دينيس رايدر ، لم يكن هذا الشاب يتوقع أن تلقيه رغباته خلف قضبان السجن ، فقد نشأ بين أربعة إخوة ، وأب يعمل بالبحرية الأمريكية ووالده ربة منزل ، لم يكمل دينيس دراسته الثانوية حيث كان يعاني من صعوبات التعلم ، والتحق بعد ذلك بالقوات الجوية ليتخرج منها ، ثم يعود بعد فترة تنقلاته من دولة لأخرى ، ليتزوج إحدى الفتيات من المنطقة التي كان يعيش بها ، وينجب منها طفلين صبي وفتاة .مرت الحياة هادئة وحرص دينيس على استكمال تعليمه ونال شهادة الثانوية العامة ، في تخصص الالكترونيات ثم عمل بشركة ألمانية لتركيب أجهزة الإنذار فتعلم كيفية فكها وتركيبها ببراعة ، وكان شخصًا اجتماعيًا حيث حرص على تكوين علاقات اجتماعية قوية ، وأصبح أحد أعضاء الكنيسة المحلية.بدأت أولى جرائم دينيس عندما انطلق لإيصال زوجته إلى عملها ، وأثناء عودته لمح سيدة سوداء الشعر ، مع طفلتها ذات الأحد عشر عامًا ، وبدأ خياله المريض يعمل ويتخيلها في علاقة شاذة معه ، وهو يخنقها ويتلذذ بتعذيبها حتى ينتشي ، فخطط ورتب نفسه ثم هاجم منزل الضحية عقب ذلك بيومين ، فقطع سلك الهاتف أولاً ، ثم دخل إلى المنزل مهددًا أفراد العائلة بمسدسه .ظن جوي وهو الأب المسئول عن العائلة أن الأمر مجرد مزحة سخيفة ، إلا أن دينيس أكد أنه بحاجة إلى المال والطعام ولابد من تنفيذ أوامره حتى لا يتأذى أحدًا ، بالفعل قاموا جميعًا بالاستسلام له ، ظنًا منه أنه سيسرقهم ويفر هاربًا ، إلا أن الأمر أخذ منحى آخر عندما أخرج دينيس من جيبه كيسًا وضعه على رأس الأب بعد أن قيدهم جميعًا ، وباشر بخنقه ولكن الرجل قاوم وقطع الكيس ، إلا أن دينيس وضع كيسًا آخر وشنقه به حتى فارق الحياة .انتقل إلى الأم وبدأ يخنقها بنفس الطريقة حتى فقدت الوعي ، ثم أفاقها عنوة فتوسلت إليه أن يترك أبنائها ، إلا أنه خنقها مرة أخرى حتى ماتت ، واتجه إلى الصبي الصغير ولف الكيس حوله عنقه وتركه ينتفض بالأرض وروحه تصعد إلى بارئها في غرفة نومه حتى فارق الحياة ، ثم حمل الطفلة شبه عارية إلى القبو ولف سلكًا حول عنقها وأخبرها أنها ستلحق بأهلها قريبًا ، وأخذ يشد الحبل حول عنقها وهو يمارس العادة السرية تحت قدميها العاريتين ، وترك آثاره القذرة وفر هاربًا بعدما ماتت الطفلة ، لم يكن يدرك دينيس أن لتلك العائلة ثلاثة أفراد آخرين عادوا من المدرسة ليجدوا عائلتهم قد قتلت ، وفر هاربًا بسيارتهم وسرقة بعض الأشياء ، ثم عاد ليأخذ السكين خاصته ورحل .كرر دينيس جريمته مع عدة أرامل حيث كان يتخفي في هيئة رجل شرطة ، أو عامل إصلاح هاتف أو أي شئ آخر ، ويدخل إلى المنزل ليواجه الضحية بأنه يريد السرقة وينصرف ، أو أنه يريد اغتصابها فقط وينصرف ، ولكن الأمر يتبدل إلى جريمة عندما يبدأ في خنق ضحاياه بالأكياس .وطوال فترة ارتكابه لجرائمه ، ظل دينيس يبعث برسائل إلى أفراد الشرطة يخبرهم بها عن كيفية ارتكابه لجرائمه المتعددة ، ويصف فيها بعض التفصيلات التي لا تقبل الشك أنه هو ، بالإضافة إلى عدد من التسجيلات الصوتية ، والتي أذاعتها الشرطة ولكن لم يتعرف أحد على صوته قط!في عام 2004م ، وقع دينيس بخطأ فادح حيث أجرى اتصالاً بالشرطة ، وسألهم إن كانوا يستطيعون تعقب الأقراص المرنة ، وأجابوه بمعلومة خاطئة أنهم لا يستطيعون ، فأرسل لهم دينيس قرصين عليه كافة تفاصيل جرائمه ، وهنا قامت الشرطة باستعادة العديد من الملفات المحذوفة سابقًا ووجدوا ملفًا يحمل اسم دينيس ، وصور للكنيسة التي كان عضوًا بها ، هنا تم تضييق الخناق عليه ، ولكنهم أرادوا دليلاً لا يمكن دحضه ، فاستغلوا فحص الحمض النووي الذي أجرته ابنته لدخول الجامعة ، وقارنوه بما وجد لدى الضحايا وتمت المطابقة بأن المجرم قريب لها من الدرجة الأولى .هنا تم محاصرة دينيس وألقي القبض عليه ، واعترف بكافة جرائمه وبالطبع صُدمت ابنته فقد كان أبًا حنونًا معها للغاية ويهتم بها ، وتمت محاكمة دينيس على كل جرائمه في محاكمات علنية نقلها التليفزيون بولاية كنساس وتم الحكم عليه بـ176 عامًا حيث لا تطبق الولاية عقوبة الإعدام ، وطلبت زوجته الطلاق ووافقت المحكمة على طلبها.