تعد قضية سفاح النهر الأخضر ، من أشهر جرائم القتل المتسلسل ، التي حيرت الشرطة الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث ظلت القضية دون حل لمدة عقدين كاملين ، بدأت تلك القصة في عام 1982م ، بمقاطعة كنج بمدينة سياتل بولاية واشنطن ، حين عثرت الشرطة على جثة فتاة عارية تمامًا وملابسها الداخلية ملفوفة حول عنقها ، وقد توفت بسبب الخنق ، تم التعرف على الضحية وكانت في السادسة عشر من عمرها وتدعى وندي كوفيلد ، وهي فتاة قد هربت من منزل عائلتها لينتهي بها المطاف للعمل ببيوت البغاء .وبعد ثلاثة أشهر من الحادثة السابقة وجدت الشرطة جثة فتاة عارية أخرى في النهر الأخضر ، وتم الكشف عن هوية الفتاة الثانية وكانت تدعى ديبرا بونير ، وتم خنقها أيضًا وكانت تعمل أيضًا في بيوت البغاء وكانت الضحيتان يترددان على نفس الشارع ، والذي كان يشتهر كتجمع للمومسات .وبعد ثلاثة أيام تم اكتشاف جثتين لفتاتين بواسطة أحد الصيادين ، ولم تكن مفاجأة للشرطة أن تكتشف أن هاتين الفتاتين يمتهن الدعارة ، وأثناء تمشيط النهر للبحث عن أدلة أكتشف المحقق دايفيد رايكت وجود جثة ثالثة مخنوقة بنفس الطريقة بين الأعشاب وكانت مثل الأخريات .أيقنت الشرطة أنها تواجه قاتلًا متسلسلًا ، وقد وجد أن جميع الضحايا تم الاعتداء عليهن جنسيًا من قبل شخص واحد ، وتم وضع حجارة داخل أعضائهن التناسلية ، وقد قامت الشرطة بتحليل نفسي للجرائم واستنتجت أن هدف القاتل ربما يكون إيمان القاتل بتخليص العالم من فتيات البغاء .قام عمدة سياتل بتشكيل وحدة تحقيق خاصة تضم 25 شرطيًا لكشف أسرار القضية ، وسرعان ما تلقت الشرطة سيلا من البيانات والمكالمات الهاتفية من مواطنين لإمداد الشرطة بمعلومات عن الضحايا ، ولفت نظر الشرطة أن هناك أحد السائقين ويدعى مالفن فوستر ويبلغ 44 عامًا ، كان دائم الاتصال بالشرطة ليزودهم بمعلومات عن الضحايا .بعد التحري عن مالفن وجد أنه عاطل عن العمل وله تاريخ من الاعتقالات ، لذلك بدا للشرطة أن مالفن هو المشتبه به الأول في القضية ، وتم القبض عليه وفي سبتمبر 1982م تم القبض على فوستر ، وقد أخبر الشرطة في التحقيقات أنه يعرف الضحايا من خلال عمله كسائق تاكسي ، حيث اعتاد على توصيلهن ، وبعد إجراء تحليل عينات من شعره ودمه ولكنها لم تطابق تلك الموجودة على جثث الضحايا لذلك تم الإفراج عنه ، ولكن رجال الشرطة كانوا على يقين أنه هو الشخص المطلوب ، لذلك وضعوه تحت المراقبة .وبعد خمسة أيام من إخلاء سبيله تم العثور على جثة أخرى ، في أحد الغابات ، ولكن التشريح أثبت أنها قتلت قبل القبض على مالفن بأربعة أسابيع ، ولذلك ظل فوستر هو المشتبه به الأول .وفي مايو 1983م كانت الصدمة لفريق التحقيق بعد اكتشاف جثة حديثة مخنوقة بنفس الطريقة في أحد غابات سياتل ، وبعدها بشهرين تم اكتشاف رفات سبعة من الضحايا في منطقة ريفية بسياتل ، وتأكدت الشرطة أن فوستر ليس مرتكب تلك الجرائم ، فكيف يتسنى له ارتكاب كل تلك الجرائم وهو تحت الحراسة المشددة .عادت الشرطة لمداهمة بيوت الرذيلة والتحرى عن روادها ، وقد دلتهم إحدى العاملات بأحد البيوت عن وجود شخص غريب الأطوار تشتبه به وإسمه هو جاري ريدجواي ، حين التحري عنه وجدت الشرطة له سابقة اعتقال بسبب التردد على بيوت الدعارة .كان ريدجواي قد تزوج مرتين وله ولد ، استدعته الشرطة وقامت بالتحقيق معه ووضعه على جهاز كشف الكذب وقد نجح في اجتيازه ، وتم إخلاء سبيله ، وفي يونيو 1985م تم العثور على مواقع دفن جديدة تحوي خمسة عشر ضحية جديدة ، وبذلك وصل عدد الضحايا إلى ثلاثون قتيلة ، وفي تلك الأثناء كانت وحدة التحقيقات قد جلبت أجهزة حاسوب جديدة ، وعن طريقها توصلت الشرطة إلى ريدجواي قد تم الإبلاغ عنه ، من قبل أحد القوادين أنه قام باصطحاب فتاة تدعى ماري ملفار وأنها اختفت منذ ذلك اليوم .ومع التحري عن ريدجواي وجدت الشرطة أن ريدجواي قد تغيب عن العمل ، تزامنا مع تواريخ اختفاء 27 فتاة ، وفي أبريل 1987م تم تفتيش ممتلكات ريدجواي ، ولكن دون جدوى ، وتم سحب عينات من ريدجواي وحفظها داخل ملف القضية وإطلاق سراحه ، وفي عام 2001م مع دخول تكنولوجيا تحليل الحمض النووي ، تم اكتشاف تطابق الحمض النووي لريدجواي مع الآثار التي تم حفظها في القضية ، وبذلك توفر دليل مادي وتم القبض عليه في 30 نوفمبر 2001م .وبذلك تم حل لغز قضية سفاح النهر الأخضر جزئيًا ، وقامت المحكمة بعقد صفقة معه للإدلاء بمعلومات كاملة عن جرائمه في مقابل تخفيف عقوبة الإعدام ، بالفعل أعترف ريدجواي بارتكاب 48 جريمة قتل وتم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة 48 مرة ، وتم نقله إلى سجن واشنطن ، وبذلك تم حل لغز القضية التي حيرت الشرطة لعشرين عامًا ولكنهم مازالوا يعتقدون أنه ارتكب عدد أكبر من جرائم القتل .