قد لا يخطئ الآباء في تربية أبنائهم ، ولكن مسألة تكوين الشخصية لدى الطفل ، تعتمد على أكثر من عامل ، منها ما هو تربوي وآخر وراثي ، وثالث جينيّ ، والأخير أكثرهم خطورة ، نظرًا لأنه يرتبط بالشخص نفسه ، ويكون له التأثير الأكبر على الشخص مقارنة بما هو تربوي أو موروث من الأبوين ، فقد تلاحظ أن بعض الأبناء هادئين وهناك شقيق غير هادئ أو سوي وهكذا في أغلب العائلات ، ولعل بطل قصتنا كان من هذا النوع .هارفي طفل لأبوين فقيرين ، أو من الأسر المتوسطة الحال كما يمكننا أن نسميهما ، وُلد وحيدًا لأبويه ، وكانا يطيران به فرحًا ، ولكن عند بلوغه الثالثة من عمره فقط ، ارتاب أبوه في جنونه ، فقد كان يسرح طوال اليوم بخياله ، وقد يبكي ويضحك فجأة دون مبرر أو داعٍ لذلك ، واحتدت والدته مدافعة عنه معللة ذلك بأنه طفل صغير للغاية ولا يمكن اتهامه بالجنون في مثل هذا السن ، مخفية أمر طفلها بأنه قد رأته يربط عضوه الذكري بالحبل داخل الحمام ، ويجذب نفسه في الاتجاه الآخر ، وهو سعيد للغاية!عندما بلغ هارفي الثانية عشرة من عمره ، تأخر في إحدى المرات بالحمام ، فقلقت والدته وسألته إن كان بخير وأكد لها أنه بخير ، ولكن عند خروجه كان لديه ندوب حول عنقه ، وعندما ضغط عليه أبويه ، شرح لهما بأنه يلف حبلاً حول رأس الدش بالحمام ، ويربط الطرف الآخر حول عنقه ويشده ويستمتع بممارسة العادة السرية أثناء شعوره بالألم .بالطبع قلق الوالدان وذهبت به والدته لطبيب العائلة الذي أكد أنها تصرفات مراهق عادية ، ولكن كان لابد من طبيب نفسي يشخص حالته ، فقد كان هارفي يعاني من حالة خطيرة ، تُدعى (الولع بالاختناق) ، وهي حالة فريدة من أنواع الشذوذ الجنسي ، يجب معالجتها بالمتابعة الطبية .بالطبع أدى إهمال حالة هارفي إلى كوارث فيما بعد ، فعلى الرغم من تفوقه الدراسي إلا أنه لم يحظ بالكثير من الأصدقاء ، فقد كان مهزوز الثقة بالنفس ، نظرًا لأن اذنيه كبيرتان الحجم ، ولديه الكثير من حب الشباب بوجهه ، مما جعل الجميع يسخرون منه خاصة الفتيات ، مما شكّل له عقدة نفسية خطيرة تطورت لارتكاب الجرائم فيما بعد .فقد بدأ هارفي في التهجم على المنازل ، وسرقة أشياء النساء من حين لآخر ، وكان يشعر بالمتعة ليس لأنه سرق ، بل لأنه أخذ شيئًا منهن يندمن عليه ، وتطوّر الأمر عندما سرق هارفي في ذات المرات ، مسدسًا من شقة إحدى السيدات ، وبالطبع كان ولعه بالحبال بلغ مبلغه ، فتطور الأمر من السرقة إلى تكبيل ضحاياه من النساء ، وتحسس أجسادهن ، نعم ، فلم يكن هارفي آنذاك ذاك بالجرأة التي تجعله يقدم على اغتصاب أنثى .ولكن كان يشعر باللذة لمجرد إخضاعهن تحت سيطرته هكذا ، بعد السخرية منه طويلاً ولم يستطع طوال حياته أن يحظى ، بمن تكون حبيبته المقربة ، وهذا أشد عقاب لهن ،
وفي إحدى المرات تم إلقاء القبض على هارفي أثناء السرقة .وتقدمت أمه لدفع الكفالة واكن أراد والده عقابه فلم يبدِ أي اعتبار لما فعل ، ولكن هارفي وعدهما بأنه لن يكرر فعلته مرة أخرى ، ولكنه حنث بوعده سريعًا ، وقام باختطاف فتاة في سيارته ، وأخذها لأطراف المدينة وفعل معها كما فعل بالأخريات ، دون اغتصاب ثم أعادها للمدينة ، فذهبت للشرطة فورًا وتعرفت على صورته لديهم ، وقُبض عليه مرة أخرى ، ونال حكمًا بالحبس لمدة سنة ، قضى منها 8 أشهر ثم أُطلق سراحه .فور خروجه ذهبت به والدته لطبيب نفسي ، وقال لها أن مشكلته تتعلق بخوفه من الجنس الآخر ، واقترح تعلمه مهارات تفيد ذي جذبهن ، فاختار هارفي مهارة الرقص حيث تعشقها النساء ، وهنا قامت والدته بنقله إلى مدينة أخرى ، يستطيع فيها التعرف على فتيات لا يعرفن ماضية من السرقة والتحرش ، ولكن بمجرد أن عادت والدته إلى منزلها ، انطلق هارفي كالوحش المسعور .ولكنه فشل خلال ثلاث مرات في اصطياد الفتيات ، وكلهن أبلغن الشرطة بمواصفاته خاصة أذناه الكبيرتان ، فتم القبض عليه فورًا ، وحُكم عليه بقضاء عشرة أعوام بالسجن ، قضى منهم ثلاثة فقط ثم أُطلق سراحه لحسن سلوكه ، ولكن أشار تقرير الطبيب النفسي أن هارفي يعاني من أمراض انفصام بالشخصية ، وسادومازوخية ويحتاج للمراقبة ويجب ألا يُطلق سراحه ، ولكن لا أحد يقرأ وانطلق هارفي مجددًا.ظل هارفي ملتزمًا طوال فترة المراقبة ، فهو لم يشأ أن يعود للسجن مرة أخرى ، ولكن مع تواجده وانتقاله بمنطقة جديدة ، قام هارفي باستعادة نشاطه القديم ، وذهب لأحد الاستوديوهات الفنية التي تتعاقد مع الفتيات من أجل المجلات الإباحية ، واتصل بإحداهن وذهب إليها ، كانت تُدعى جودي دول ، مطلقة وفي حاجة للمال من أجل قضية استرداد طفلها ، وافقت على الخضوع لجلسة تصوير ، وتحجج هارفي بالإضاءة الضعيفة وأخذها بهدوء إلى شقته ، هناك قام بتقييدها مدعيًا أنه من أجل التصوير .ثم قام بالاعتداء عليها ، ووعدها أن يتركها خارج المدينة ، وأن تعود وحدها ، ولكن عند بلوغها مكانًا مهجورًا اغتصبها مرة أخرى ، وبدلاً من فك وثاقها ، شنقها بالحبل وصورها في وضعيات مختلفة ، وترك الجثة تأكلها الذئاب ، تكررت الحوادث ، إلى أن وقع في يد إحدى الفتيات ، التي قاومته ونشب عنفًا بينهما ، واستطاعت أن تأخذ مسدسه وتصوبه نحوه إلى أن حضر رجال الشرطة ، وقبض عليه ، وتم الحكم عليه بالإعدام بالغاز بعد أن اعترف بجرائمه ، ونُفذ الحكم لترتاح أرواح ضحاياه.