يحكي أنه ذات يوم من الأيام ، ذهب جحا الى البقال ، ليقوم بشراء بعض طلبات بيته ، فطلب منه البقال مبلغاً كبيراً ثمنا لها ، فقال له جحا اذا اعطني على قدر ما معي من نقود ، فرد عليه البقال قائلًا : خذ ما تشاء يا جحا ، فنحن أصدقاء وما يتبقى ليه قم بدفعه وقتما شئت ، فشكر جحا صديقه البقال وأخذ بالفعل ما يحتاجه لبيته ، وتبقى للبقال ثلاثة وخمسون قرشاً ، ووعده جحا بتسديدها عندما يتيسر الحال .اليوم الثاني:
وفي اليوم التالي خرج جحا من بيته ، فمر من أمام البقال وهو في طريقه الى السوق ، فنادى عليه البقال بصوت عالي قائلًا : يا جحا.. يا جحا.. ، ألم تعطيني حقي ، قال له جحا يا صديقي اصبر أيام أخرى ، إلى أن يأتني الله بالفرج .اليوم الثالث:
وفي اليوم الثالث خرج جحا من بيته ، متوجها الى السوق للقاء بعض أصدقاءه ، فتحاشا المرور من الطريق الموجود به دكان البقال ، حتى لا يحرجه ويطالبه بنقوده ، وما إن رآه أصدقاءه حتى دعوه للجلوس معهم ، وكانوا فرحين جدًا بوجود جحا معهم .فقال أحدهم : تقدم يا جحا ان الجلسة بدونك تفقد حلاوتها ، وقال آخر : أخيرًا جئت يا جحا ، لقد كنا سنرسل في طلبك يا رجل ، وما إن جلس جحا وسط أصدقاءه ، حتى كان كل من في المجلس يشعر بالفرحة والبهجة ، فلقد تعودوا أن يجلسوا للاستماع إلى ما يقصه جحا عن تجاربه ونوادره ، والاستمتاع بها .البقال وجحا في السوق:
وبينما كان جحا جالس بين أصدقاءه في السوق ، حتى مر البقال من أمامه ، وما ان رأى جحا ، حتى أخذ يشير اليه بمعنى انني أريد حقي ، فقام جحا بالقيام من مكانه ، وجلس في الجانب الآخر حتى يبتعد عن مضايقات البقال ، لكن البقال انتقل هو أيضا الى الجانب الآخر ، وأخذ يشير مرة أخرى الى جحا ، بما معناه اننى أريد حقي ، وبشكل فيه تهديد لجحا بافتضاح أمره ، أمام جميع الجالسين من أصدقاءه .ذكاء جحا:
فكر جحا في حيلة حتى لا يعطي فرصة للبقال ، فقام مستأذنا من أصدقاءه ليذهب إلى بيته ، ولكن الأصدقاء تمسكوا به ، ورجوه أن يكمل معهم الجلسة ، ولا يتركهم وينصرف ،
استاء جحا من معاملة البقال له ، وأخذ يردد : لا حول ولا قوة الا بالله ، وشعر الحاضرين بالأمر ، فقال أحدهم : ماذا بك يا جحا ، وماذا يريد منك هذا الرجل ؟فقال جحا لأصدقائه : ستعرفون حالا الأمر ، ثم أشار الى البقال مناديًا له وقائلًا : تعالى أيها الصديق ، وقال له أنا مدين لك بثلاثة وخمسين قرشًا ، أليس كذلك ؟ ، فرد عليه البقال قائلًا : بلى يا جحا ، فقال جحا : إذا عليك بالحضور غدًا لأعطيك ثمانية وعشرين قرشا ، ثم تأتى بعد غد وتأخذ عشرين قرشًا ، فماذا يتبقى لك بعد ذلك ؟قال البقال : خمسة قروش ، فرد عليه جحا قائلًا بصوت عالي ليسمعه جميع الجالسين : أفلا تخجل من نفسك ، أتعاملني هذه المعاملة السيئة ، في السوق ، ووسط أصدقائي ومعارفي ، من أجل خمسة قروش ، فوقف البقال مندهشًا وخجلًا ، من نظرات الناس حوله ، وقد سمعوا جحا يقول ذلك ، ثم انصرف من السوق ، عائدًا إلى دكان البقاله ، وهو في حالة خجل لما فعله مع جحا أمام الناس .من نوادر جحا .