يحكي أنه في قديم الزمان قام جحا بالغناء أثناء استحمامه فاستعذب صوته ، وقرر أن يغير مهنته من جامع للحطب لمطرب ، وبالفعل قام أحد الأثرياء بدعوته لإحياء حفل عرس فحدث معه ما لا يحمد عقباه .القصة :
يحكي أنه في سالف العصر والزمان ، دخل جحا الحمام في أحد الأيام ، ليستحم فأخذ يدندن بصوته ، فأعجبته دندناته فرفع صوته بالغناء في الحمام ، وهو في غاية السعادة والانسجام .ثم قال جحا في نفسه : أن الناس تشتاق لسماع هذا الصوت الشجي الحنون ، فلماذا لا أعمل بالغناء فأكسب أموال طائلة ، فإن ذلك أفضل كثيرًا من الاشتغال فى جمع الحطب ،
وفي اليوم التالي قام جحا بالذهاب إلى بائع آلات الطرب ، وقام بشراء عوداّ منه ، فسأله بائع آلات الطرب : ماذا ستفعل بالعود يا جحا ، هل عملت مطربا ؟فرد عليه جحا : نعم ، فلم تجد مطربًا صوته عذب مثلي ، ثم عاد جحا إلى داره وقام بتعليق لوحة كبيرة على الدار ، لتجذب له الزبائن ، وليعلم الناس جميعًا ، أن جحا صار مطربًا يعمل بالغناء ، ومضت الأيام ولكن لم يطرق أحد باب جحا ، فكاد يفقد الأمل ، أن الناس سيطلبونه للغناء .وفي إحدى الأيام دخل على جحا رجل من الأثرياء ، وقال له : يا هذا هل أنت مطرب ؟ فرد عليه جحا قائلًا : نعم يا سيدى ومن أحسن المطربين أيضًا ، فقال له الرجل الثري : عظيم جدًا ، إن لدي الليلة حفلة عرس ، وأريد منك أن تطرب الحضور ، وتسعدهم بصوتك العذب .فقال جحا : حسنا ، اعطنى العربون وسأقوم بإحياء الحفل لك ، فرد عليه الرجل الثري قائلًا : لا بأس ، تفضل هذه عشرون دينارًا ، ولك مثلهم بعد الحفل ، انصرف الرجل الثري ، فأسرع جحا الى زوجته ، وفي يده النقود ، وقال لها يا زوجتي العزيزة لقد اعترف الناس بي مطربًا كبيرا وإليكِ الدليل .الحفل :
عندما أقبل الليل ، ركب جحا حماره ، وحمل عوده معه ، وذهب إلى حيث العرس ، فقام الناس باستقبال جحا بالهتاف والتشجيع الشديد والتصفيق ، فجلس جحا في صدر المكان ، واستعد للغناء ، والناس من حوله كانوا يتهامسون فيما بينهم ، ويشيرون اليه على أنه من أعاظم المطربين ، وأنها سوف تكون ليلة طرب عظيمه ، وسوف يكون عرس رائع بفضل صوته العذب الشجي .غناء جحا :
وما إن إرتفع صوت جحا بالغناء ، حتى فزع الناس كلهم الكبار منهم والصغار ، وصرخ أحد المدعوين للحفل قائلًا ، أعوذ بالله من ذلك الصوت القبيح ، إن صوت هذا الأحمق مثل نهيق الحمار ، وقال آخر : أي مطرب هذا اطردوه من هنا فورًا ، وقال ثالث ، أسكتوا هذا النشاز المنكر في الحال ، ما هذا الصوت البشع .وانقض المدعوين على جحا وأوسعوه ضربًا ، وحاولوا طرده من الحفلة ، فصاح بهم قائلًا : رويدكم ، رويدكم يا سادة هناك غلطة وسأصلحها في الحال ، فقال أحد الحاضرين : انتظروا يا قوم ، لنرى ماذا يريد أن يقول .ذكاء جحا :
فقال جحا : ان كنتم تريدون سماع طرب نقي وصاف ، فاحضروا لي ليفة وصابون ، فأحضروا له كل ما طلبه ، فقام جحا بخلع ملابسه وقال لهم هيا اتبعوني إلى الحمام لتسمعوا طربًا أعذب من تغريد البلابل ، وقام جحا بالدندنه من الحمام فاستعذب الناس صوته ومر الحفل بسلام وأعطاه الرجل الثري باقي نقوده بعد انتهاء الحفل .