في إحدى الأيام حدث جدل بين الشمس والرياح حول من منهما الأكثر قوة ، فالشمس تدعي القوة ، والرياح لا توافقها ، وتقول أنها تحرك الأشجار وتعصف بالمياه ، وتفعل ما لم تقدر عليه الشمس .وطال الجدل بينهما زمانًا ، وأخيرًا اتفقا على إجراء تجربة ؛ ليثبت كل منهما أنه الأكثر قوة ، وذلك عن طريق محاولة انتزاع معطف أحد المسافرين على جواده في طريق فسيح ، وبدأت الرياح أولًا ، وقالت للشمس : انتظري أيتها الشمس ، وانظري ماذا سأفعل بالراكب المسكين ، سأهجم عليه ، وانتزع منه المعطف الذي يرتديه ، وبدأت الرياح تهب بكل ما لديها من قوة .وكلما زادت قوتها ، تمسك الفارس بمعطفه أكثر حتى يشعر بالدفء ، ويستطيع مواصلة السير ، والرياح لم تكتفي بذلك ، وأخذت تحاول ثانية وثالثة ، وكل مرة تهب بقوة واندفاع أكثر من المرة الأولى .أصبح الجو ملبد بالغيوم ، وأخذ الفارس يتذمر من سوء حالة الطقس ، والرياح تشتد حتى تساقطت الأمطار والثلوج على الفارس المسكين ؛ فربط معطفه بالحزام حتى لا يتسرب البلل والثلج لجسمه ، فيمرض ، وهنا أدركت الرياح أنها لن تستطيع انتزاع المعطف بقسوتها ، وشدتها .فسخرت الشمس من الرياح ، وتبسمت ، وقالت لها : لقد استخدمتي القوة ، ولم تفلحين ، أما أنا فبالرفق واللين سأجعله ينزع المعطف ، انظري أيتها الريح ؛ حتى تتأكدين من قوتي .وبالفعل أخذت الشمس تظهر من بين السحب ، وترسل أشعتها الدافئة ، فتحسن الجو كثيرًا ، وجفت الأرض ، وجفت معها ثياب الفارس ، وعندما شعر بالدفء ، أخذ يثني على الشمس ، وأشعتها الدافئة ، وحينما شعر بارتفاع درجة حرارة الشمس ، خلع معطفه بإرادته ، وربطه في سياج الجواد .وهنا نظرت الشمس الهادئة للرياح الغاضبة ، وقالت لها : أرأيت ما فعلته بالرفق واللين ، لقد استطعت أن أجعل الفارس ينفذ ما أريده منه بالرفق والرقة ، ولم أغضب وأثور مثلك ، وهنا أدركت الرياح أن رقة الشمس أقوى من غضب الرياح .