في الغابة الجميلة ذات الأشجار العالية ، والسماء الصافية والربوع المترامية هنا وهناك ، كانت الأرانب تعيش جميعها في تلك الغابة ، في أكواخ متقاربة حيث يعتنون ببعضهم البعض ، ويعملون معًا كل يوم ، ثم تجتمع العائلة بالليل ليتبادلوا أطراف الحديث ، ثم يذهب الجميع كل إلى كوخه من أجل الراحة والنوم ، حتى يستطيعوا الاستيقاظ في الصباح الباكر من أجل العمل .كانت تلك هي وتيرة حياة عائلة الأرانب ، وفي إحدى الليالي اجتمعت العائلة الجميلة ، وأخذوا يلعبون ويمرحون ، وامتلأت الليلة بالرقص والغناء الكثير ، قام الأرنب الجد العجوز ، وذهب إلى بئر المياه لإحضار بعض الماء ، فقام بإنزال الدلو وحرك الحبل قليلاً ، وبدأ في رفع الدلو ولكنه شعر أن الدلو ، خفيفًا على أن يحمل الكثير من المياه ، فقام بإنزاله مرة أخرى مع إطالة الحبل قليلاً ، ثم رفعه ليشرب بعض الماء ، ثم يضع الدلو على حافة البئر .شعر الجد أرنب بالقلق لما حدث ، فمعنى ما جرى أن المياه داخل البئر قد بدأت بالنفاد ، وانخفضت كثيرًا وإذا ما حدث ذلك ، وجف البئر سوف تموت النباتات ، ولن تستطيع عائلة الأرانب أن تصمد أمام العطش والجوع وسوف يموتون جميعًا .انزعج الأرنب الجد من تلك الأفكار وعاد إلى مجلسه ، فلاحظت الجدة أرنوبه شروده فسألته عما به فأخبرها بما حدث ، فاتسعت عيناها رعبًا وقالت له لابد لنا أن نخبر كافة أفراد عائلة الأرانب ونحذرهم من الخطر القادم .قاطع الجد الأرنب احتفال العائلة ، وأمرهم أن ينصتوا له فسكتوا جميعًا في دهشة واستنكار على مقاطعته لهم ، فأخبرهم الأرنب الجد بما حدث ، فصاح بعضهم أن هذا لا يمكن أن يحدث ويجف البئر ، بينما سخر آخرون منه وقالوا له اذهب واحفر بئرًا جديدًا ، وعادوا جميعًا إلى لهوهم فحزن الأرنب الجد ، وأخبر زوجته الجدة أرنوبة أنهما سوف يغادران المنطقة في الصباح الباكر ، هو وهي بحثًا عن مكان آخر يصلح لحفر بئر ، فوافقته زوجته طاعة له .في الصباح الباكر نهض الأرنب الجد بكل نشاط ، وانطلق برفقة زوجته أرنوبة يبحثان عن مكان يصلح لحفر البئر الجديد ، وعقب مضي عدة ساعات وجد الجد شجرة تقف فوقها العصافير ، ويحرسهم أحد الكلاب ويبدو من المكان أن تحته مياه كثيرة .استأذن الأرنب الجد من الكلب ، وشرح له ما حدث ورغبته بحفر بئر في هذا المكان ، استمعت الطيور لما رواه الأرنب الجد وتعاطفوا معه كثيرًا ، وقرروا هم والكلب أن يتعاونوا مع الجد في حفر هذا البئر .بدأ الجميع في الحفر حيث قام الأرنب الجد وزوجته بالحفر بواسطة قدميهما الأمامية ، وقام الكلب بحمل الأتربة بعيدًا حتى يفسح لهما المجال ، بينما أحضر لهما الطيور بعض الحبوب ، حتى يأكلا أثناء قيامهما بهذا العمل الشاق .لم يمض وقتًا طويلاً حتى جف البئر المجاور لعائلة الأرانب ، وبدأت النباتات تموت وبدؤوا هم يشعرون بالعطش الشديد ، وخارت قواهم ولم يعد لديهم أية قوة ، على تحمل هذا الضعف ، وندموا على أنهم لم يستمعوا لنصيحة الأرنب الجد ، وقرروا أن يغادروا المكان عقب أن جف تمامًا .تفجرت المياه من البئر الجديد ، فتهللت الطيور فرحًا وبدأ الكلب يساعد الأرنب الجد وزوجته على إحاطة البئر ببعض الطوب ، ثم انطلق الأرنب الجد بحثًا عن عائلته التي اشتاق لها ، ولكنه لم يلبث أن ذهب حتى وجد المكان فارغًا ، ولا أثر لهم فيه ، فعاد والدموع تغرق عينيه .قررت الطيور والكلب مساعدة الأرنب الجد في البحث عن عائلته ، فقام الكلب بشمم المكان حول البئر القديم ، وتعقبته الطيور حتى عثروا على العائلة وبالفعل ذهب إليهم الجد والجدة ، ووجدوهم قد خارت قواهم ، وقد تفرقوا تحت جذوع الأشجار ، ففكر الأرنب مع الكلب بعمل زحافة ، من جذوع الأشجار ولحائها القديم ، وقام الكلب بسحبها بعد أن وضعوا عليها الأرانب الصغيرة ، غير القادرة على الحركة .وبهذا يكون الأرنب الجد قد قدم لعائلته الطعام والشراب ، حتى تحسنت صحتهم وأنقذهم من الموت ، قبل أن تلتهمهم الثعالب والذئاب .