مرّ تلميذ بإحدى السيدات ، وهو يبكي ، فسألته عن سبب بكائه ، فقال : إم المعلم أمرنا بحفظ قصيدة كبيرة ، ووعد من يتقن حفظها ويجيد إلقاءها بمكافأة عظيمة ، ولكني بطيء الحفظ ، وأخشى وصول المكافأة لغيري ، مع رغبتي الشديدة في الحصول عليها .نصيحة السيدة للطفل الباكي :
فقالت له السيدة ، ألم تر هذا النمل ، كيف يحاول الصعود فوق الشجرة ، مع بطء حركته ، وبعد المسافة عليه ؟ ولكن باجتهاده المستمر وتركه جميع ما يشغله ، وصل إلى مقصده ، فإذا حفظت كل يوم جزءًا من القصيدة ، تاركًا كل ما يشغلك ، غير مبال بما تظن ، من بطء الحفظ ، فإنك تنال المكافأة لا محالة .التلميذ المجتهد :
فعمل التلميذ بهذا الرأي السديد ، واستمر في الحفظ من جديد ، حتى حفظ القصيدة كلها حفظًا جيدًا ، ولما أتى وقتُ الامتحان ، أجاب التلميذ المجتهد إجابة ، أعجبت المعلم والتلاميذ ، فنال المكافأة ، وحاز الثناء الجميل .حكم في التراث العربي عن الاجتهاد :
وقد جاء في الحكم : لكل مجتهد نصيب ، وجاء أيضًا : ومن جد وجد ، والحكمة القائلة أيضًا : ومن سار على الدرب وصل .الفرق بين التلميذ المتعلم والتلميذ الجاهل :
ويروى أيضًا ، أنه سأل معلم تلميذًا بليدًا ، متقدمًا في السن ، فقال له : من خلقك؟! ..فاحتار التلميذ في أمره ، وأخذ يلتفت يمينًا وشمالاً بدون أن يجيب ! فكرر المعلم السؤال ، وألح في طلب الجواب ، فأجاب التلميذ مترددًا : لقد خلقني أبي وأمي .الله خلقني :
فاستغرب المعلم من هذا الجواب ، وتعجب من جهل هذا التلميذ ! ثم سأل تلميذًا آخر صغير السن السؤال نفسه ، فأجابه : إن الله خلقني ، وصورني ، وأحسن صورتي ، بدليل قوله تعالى ، بسم الله الرحمن الرحيم (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ
صدق الله العظيم .. الآية 4 من سورة التين .لقد أحسنت الجواب :
فقال له المعلم : لقد أحسنت الجواب أيها التلميذ النبيه ، ثم قال للتلميذ الكبير : هذا أصغر منك سنًا ، وقد أحسن الجواب فلماذا لم تجب قبله ؟ ..قال : لأني ولدت من زمن طويل ، ولذلك نسيت من خلقني ، أما هذا الولد الصغير ، فولد في عهد قريب ، ولذلك لم ينس من خلقه .إنشاد قول الشاعر:
فضحك المعلم والتلاميذ ، وحكموا بجهله ، وسخافة عقله ، وأنشد قول الشاعر :أخو العلمِ حيٌ خالدٌ بعدَ موته .. وأوصالُهُ تحت الترابِ رميم ..
.. وذو الجهل ميتٌ وهو ماش على الثّرى .. يظن منَ الأحياءِ وهو عديم ..