كان هناك ساقي أسمه محمد يبيع الماء للناس وهو يتجول بجرته في الأسواق وقد أحبه كل الناس لحسن خلقه ولنظافته وذات يوم سمع الملك بهذا الساقي فقال لوزيره أذهب وأحضر لي محمد الساقي وذهب الوزير لكي يبحث عنه في الأسواق إلى أن وجده وأتى به الملك وقال الملك لمحمد من اليوم فصاعدًا لا عمل لك خارج هذا القصر ستعمل هنا في قصري تسقي ضيوفي وتجلس بجانبي تحكي لي طرائف الناس .فقال محمد السمع والطاعة وعاد محمد إلى زوجته يبشرها بالخبر السعيد وفي الغد لبس أفضل ما عنده وغسل جرته وقصد قصر الملك ثم دخل الديوان الذي كان مليئًا بالضيوف وبدأ بتوزيع الماء عليهم وكان حين ينتهي يجلس بجانب الملك يحكي له الحكايات والطرائف المضحكة وفي نهاية اليوم يقبض ثمن تعبه ويغادر إلى بيته ، وظل الحال على ما هو علية فترة من الزمن إلى أن جاء يوم شعر فيه الوزير بالغيرة من محمد بسبب المكانة التي احتلها في قلب الملك .وفي الغد كان الساقي عائدًا إلى بيته فتبعه الوزير وقال له فقال له يا محمد إن الملك يشتكي من رائحة فمك الكريهة فتفاجئ الساقي وسأله وماذا أفعل حتى لا أذية برائحة فمي ، فقال الوزير عليك أن تضع لثام حول فمك عندما تأتي إلى القصر فقال محمد حسنًا سأفعل وعندما أشرق الصباح وضع الساقي لثام حول فمه وحمل جرته واتجه إلى القصر كعادته فاستغرب الملك منه ذلك ولكنه لم يعلق عليه واستمر محمد يلبس اللثام يومًا عن يوم إلى أن جاء يوم وسأل الملك وزيره عن سبب اللثام .فقال الوزير أخاف يا سيدي إن أخبرتك قطعت رأسي فقال الملك لك مني الآمان فقال قل ما عندك فقال الوزير لقد اشتكى محمد الساقي من رائحة فمك الكريهة أرعد الملك وذهب عند زوجته فأخبرها بما قاله الوزير فقالت من سولت له نفسه قول هذا غدا تقطع رأسه ويكون عبرة لكل من سولت له نفسه الانتقاص منك فقال لها ونعم الرأي ، وفي الغد استدعى الملك الجلاد وقال له من رأيته خارجًا من قصري حاملًا باقة من الورد فاقطع رأسه .وحضر الساقي كعادته وقام بتوزيع الماء وحين حانت لحظة ذهابه أعطاه الملك باقة من الورد هدية له وعندما هم بالخروج التقى الساقي بالوزير فقال له الوزير من أعطاك هذه الورود فقال محمد الملك فقال له أعطني إياها فأنا أحق بها منك فأعطاه الساقي الباقة وانصرف وعندما خرج الوزير رآه الجلاد حاملًا لباقة الزهور فقطع رأسه وفي الغد حضر الساقي كعادته دائمًا ملثًا حاملًا جرته وبدأ بتوزيع الماء على الحاضرين قد ظن الملك أنه مات فنادى عليه وسأله وقال ما حكايتك مع هذا اللثام فقص عليه الساقي ما قاله له الوزير وسأله عن باقة الورد فقال أخذها الوزير فقد قال أنه أحق بها مني فقال الملك حقًا هو أحق بها منك ..