كان ثلاثة من الشباب قديمًا يعملون حمارين أي أنهم يحملون البضائع للناس من الأسواق إلى منازلهم على الحمير وفي ليلة جلس الرجال الثلاثة يتسامرون فقال أحدهم واسمه محمد بن أبي عامر افترضا أني خليفة ماذا تتمنيان فقال أحدهم هذا محال وقال الأخر له يا محمد أنت تصلح حمارًا أما الخليفة فيختلف عنك كثيرًا فأعاد عليهما السؤال وبعد جدال كبير فقال أحدهما أريد حدائق غناء واسطبل من الخيل ومائة ألف دينار من الذهب ، والتفت إلى صاحبة الأخر ثم قال وماذا تريد أنت فقال يا محمد إنما أنت حمّار والحمّار لا يصلح أن يكون خليفة .وأن تقع السماء على الأرض أيسر من وصولك للخلافة وإذا أصبحت خليفة فاجعلني على حمار ووجه وجهي إلى الوراء وأمر مناديًا ينادي في الناس أيها الناس هذا دجال محتال من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن وانتهى الحوار ونام الجميع ، ومع بزوغ الفجر استيقظ محمد وصلى صلاة الفجر ، وجلس يفكر كثيرًا ما هي الخطوة الأولى للوصول للهدف المنشود .ثم توصل لتحديد الخطوة الأولى وهي بيع الحمار ثم قرر أن يعمل في الشرطة بكل جد واجتهاد وترقى في عمله حتى أصبح رئيسًا للشرطة في دولة الخلافة الأموية في الأندلس ثم يموت الخليفة الأموي ويتولى الخلافة بعده ابنه هشام وعمره في ذلك الوقت عشر سنوات ، فأجمعوا أن يجعلوا عليه وصية ولكنهم خافوا أن يجعلوا عليه وصيًا من بني أمية فيأخذ الملك منه ولذلك تم اختيار ثلاثة أوصياء من غير بني أمية ومن بينهم محمد بن أبي عامر ، ثم استطاع بطموحه وذكائه أن يصبح بعد ذلك الوصي الوحيد ن ثم جهز الجيوش وفتح الكثير من البلاد واستطاع الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر بتوكله على الله واستغلاله القدرات الكامنة التي أعطاها له الله تعالى أن يحقق أهدافه .وفي يوم من الأيام بعد ثلاثين عامًا من بيع الحمار واعتلائه العرش تذكر صاحبيه الحمارين فأرسل أحد الجنود حتى يأتيه بهما فلما دخلا نظر للخليفة وقال باستغراب أنه صاحبنا محمد وقال الحاجب المنصور ، فقال لهم أعفماني فقال نعم يا أمير المؤمنين ولكن نخشى أنك لم تعرفنا فقال بل عرفتكما ثم نظر إلى الحراس وقال كنت أنا والرجلين سويًا قبل ثلاثين عام وكنا نعمل حمارين وفي ليلة من الليالي جلسنا نتسامر فقلت لهما وسألتهم إذا كنت خليفة فماذا تتمنيان ، ثم التفت إلى أحدهما وقال ماذا تمنيت يا فلان فقال الرجل حدائق غناء واسطبل من الخيل ومائة ألف دينار من الذهب فقال الخليفة لرجاله أعطوه كل ما طلب ثم التفت إلى الأخر .وقال ماذا تمنيت فقال له أعفني يا أمير المؤمنين فقال لا ولله حتى تخبرهم فقال الرجل قل إن أصبحت خليفة فاجعلني على حمار ووجه وجهي إلى الوراء وأمر مناديًا ينادي في الناس أيها الناس هذا دجال محتال من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن ، فقال الحاجب المنصور أفعلوا به ما تمنى حتى يعلم أن الله على كل شيء قدير .