لم يكد نبأ وفاة النبي محمد صلّ الله عليه وسلم ينتشر في بلاد العرب حتى اشتعلت الفتنة في كل أنحاء الجزيرة العربية ، بأشكال مختلفة ، ولأسباب متباينة ، وبرزت ظاهرة التنبؤ كإحدى الانعكاسات للنجاح الإسلامي في الحجاز ، وإن كان بعض المتنبئين قد أعلنوا دعوتهم في أواخر حياة النبي ، فتنبأ الأسود العنسي في اليمن ، ومسليمة الكذاب في بني حنيفة في اليمامة ، وطليحة في بني أسد ، وسجاج التميمية ، ولقيط في عمان .ذو التاج لقيط :
ذو التاج لقيط بن مالك الأزدي ، ادّعى النبوة وغلب على أهل عمان ، وطرد منها عمال الخليفة أبي بكر الصديق ، والذي جرّد له أبي بكر الصديق حملات استطاعت القضاء على حركته وقتله ، خلال حروب الردة ، وعمان هي اسم كورية عربية على ساحل بحر اليمن والهند …وكان الغالب على عمان هم الأزد فلما كانت سنة 8 هجريًا ، الموافق 629م ، بعث النبي ، أبا زيد الأنصاري ، وعمرو بن العاص إلى عبيد ، وجيفر من بني جُلندي حكام عمان ، ومعهما كتاب يدعوهما إلى الإسلام.الدعوة لدخول الإسلام :
وقال :
إن أجاب القوم إلى شهادة الحق ، وأطاعوا الله ورسوله ، فعمرو الأمير ، وأبو زيد على الصلاة
.. فأسلم عبيد وجيفر ودخل أهل عمان إلى الإسلام .ارتداد الأزد :
ولم يزل عمرو وأبو زيد في عمان حتى توفي رسول الله ، فارتدت الأزد وعليها لقيط بن مالك ذو التاج وانحازت إلى دَبَا ، ودبا هي سوق من أسواق العرب بعمان ، والتجأ عبيد وجيفر إلى الجبال ، والبحر هاربًا منه ، وكاتبا أبا بكر الصديق بخبر ما حدث .عمان وموقعها الجغرافي :
كانت عمان في عصر الرسالة تابعة لفارس ، فهي بحكم موقعها الجغرافي في الجزء الجنوبي الشرقي من جزيرة العرب ، أقرب إلى فارس منها إلى المناطق الشمالية الغربية ، في الجزيرة العربية التي يفصلها عن الربع الخالي.القضاء على الردة في عمان على ادعاء ذو التاج لقيط للنبوة :
وكانت فارس حريصة على إخضاع القبائل الضاربة في شرقي الجزيرة العربية على الخليج العربي لتتحكم بهذا الخليج وبمدخله العربي ، مضيق عمان (هرمز) .ومن جهتها اعتمدت هذه القبائل على فارس ، فكان طبيعيًا أن تعادي الدعوة الإسلامية ، وكما دفع الفرس بسجاج لإثارة المشكلات في وجه الدعوة الإسلامية ومحاربة المسلمين ، فادعت النبوة لتستقطب القبائل ، كذلك دفع هؤلاء ذا التاج لقيط بن مالك الأزدي ، فادّعى النبوة وحمل قومه على الإيمان به ، وحارب المسلمين ، وتم القضاء عليه في حروب الردة على عمان ، والتي انتصر بها المسلمون .