كانت الدولة الإسلامية في العصر العباسي قد اتسعت ، ودخل في الإسلام بلاد جديدة ، وزاد عدد الكثير من العلماء وكان من أشملهم جعفر بن محمد بن على ، تبدأ القصة بحوار يدور بين شخصن هما سفيان وجعفر، حيث قال جعفر: أترى يا سفيان أعداد الحجاج في ازدياد كل عام ؟ فرد سفيان : الحمد لله فالمسلمون يزدادون عددًا وقوة ، أسال الله أن يزدهم أخلاقًا وصلاحًا أيضًا .فقال سفيان بما أننا في موسم الحج ، هناك أمر ما يشغلني فرد جعفر قائلًا : فيما تفكر يا سفيان ؟ قال سفيان : للصوم ثوابٍ عظيمٍ فلماذا يكره أن يصوم الحجاج ؟ رد جعفر: لأن الحجاج في ضيافة الله ولا يجب على الضيف أن يصوم عند مضيفه .فدعا له سفيان قائلًا : بارك الله فيك وزادك علم والله لقد أجبتني إجابة شافيهً كافية ، فقال له : إنما هي وجهة نظري في الأمر، وهو في النهاية أمر من الله ، فينبغي أن نلتزم به ولكن طالما وفقني الله للإجابة على سؤالك فلنذكره تعالى ذكرً جميل .كان جعفر رحمه الله وارعًا لا يبخل بعلمه على أحد ، وكان حريصًا على تعليم الأعداد الغفيرة في الحج بما يعرفه من أمور الدين ، لذا أصبح جعفر بن محمد مشهور، فأراد الخليفة منصور أن يتأكد من مدى علم هذا الرجل ، لذلك استدعى العالم الجليل أبى حنيفة النعمان قائلًا : ما قصة هذا الرجل جعفر بن محمد ؟فأجابه أبى حنيفة : هو حفيد على بن أبى طالب رضي الله عنه ، وجد أمه هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فعلق الخليفة على كلام الإمام قائلًا : نسبٌ عظيم وشريف فإذا كان عالمًا فأولى للخليفة أن يستفيد بعلمه ، وبعدما سمع أبى حنيفة كلام الخليفة شهد لجعفر بعلمه ، حيث قال أبى حنيفة النعمان : إذا كنت تريد أن تتأكد من علمه ، فيمكنني أن أدعوه هنا للتأكد بنفسك أعالم هو أم لا ؟فرد الخليفة قائلًا : وهذا ما سوف أطلبه منك فلتدعوه في أقرب وقت ، فأعد أبى حنيفة أسئلة لجعفر لا يستطيع الإجابة عنها ، إلا من كان عالمًا ذكيًا سريع البديهة ، ولما جاء وقت المجلس سأل أبى حنيفة النعمان تلك الأسئلة لجعفر : هل يمكن للمسلم أن يصلى ويتعمد أن لا يسجد في صلاته سجده واحدة ورغم ذلك تصح صلاته ولا يجب عليه إعادتها ؟قال جعفر : هذا رجلاً يصلى صلاة الجنازة وصلاة الجنازة ليس فيها ركوع ولا سجود ، فاستكمل أبى حنيفة حديثه قائلًا : وما رأيك في رجل صلى جالسًا مع قدرته على القيام ، هل هذا رجلاً صحت صلاته رغم أنه ليس مريضًا ولا مضطرًا ؟ فقال جعفر: هذا رجلًا يصلى نافلة وليست فريضة من الصلوات الخمس ، هذه نافلة يجوز للمصلى أن يصليها جالسا و لو كان يستطيع القيام ولكن له نصف أجر القائم .وما هي العبادة التي إذا فعلتها في وقتٍ لم يفعلها أحد على وجهه الأرض ، فإذا انتهيت من فعلها يمكن أن يفعلها شخص أخر بعدك ، فإذا فعلها هو أيضا لم يفعلها أحد غيره على وجهه الأرض حتى ينتهي منها ؟ فرد جعفر : هي تقبيل الحجر الأسود لا يمكن لاثنين أن يقبلاه على وجهه الأرض .ظل أبو حنيفة يسأل وجعفر يجيب حتى أتم أبو حنيفة أربعين سؤال ، حينها قال الإمام أبو حنيفة النعمان : أرجو أن تكون قد اطمأننت إلى سعة علم جعفر يا مولاي ، فقال الخليفة منصور بالطبع لقد كدت أظلمه ، إنه عالم بلا شك .