إن
التاريخ الإسلامي مليء بسير الأعلام من الصحابة والتابعين ، وكبار العلماء الذين
أثروا العلوم الشرعية وأيضًا الدنيوية ، ومن بين العلماء الذين تركوا تراثًا غني
من العلوم الشرعية والتي تعد مرجعًا هامًا وخاصة في مجال التفسير الإمام ابن كثير
، ويعد الإمام ابن كثير من أشهر وأهم الفقهاء والمحدثين ، وقد اشتهر بتفسيره
للقرآن الكريم ، وكتاب البداية والنهاية ، وطبقات الشافعية ، كما أنه ألف شرح
للبخاري ولكنه فقد .سيرة حياته:هو الإمام عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضَوْ بن درع القرشي الحَصْلي البُصروي الشافعي ، وقد أجمع معظم المؤرخون على أنه ولد عام سبعمائة للهجرة ، في قرية مجدل من أعمال دمشق ، وحين بلغ السابعة من عمره توفى والده الذي كان يعمل خطيبًا .وبعد
وفاة والده انتقل مع شقيقه كمال الدين عبد الوهاب إلى دمشق ، وقد تولى كمال الدين
أمر رعايته كما أن ابن كثير تتلمذ على يد أخيه في بداية حياته وتعلم منه الكثير ،
ولأن الإمام نشأ في بيت صالح ، فقد حرص على حفظ القرآن الكريم كاملًا ، وقد أتم
حفظه عام 711 للهجرة ، ولأن دمشق كانت عامره بالعلماء ومجالس العلم في ذلك الوقت ،
فقد حرص الإمام على تلقي العلم على يد نخبة من فقهاء وعلماء ذلك العصر منهم الشيخ
عيسى بن المطعم وأحمد بن أبي طالب بدمشق .كما تعلم
على يد الشيخ الحجار والقاسم بن عساكر وابن الشيرازي وإسحاق بن الأمدي ،
وأيضًا على يد الشيخ جمال يوسف بن الزكي
المزي صاحب كتاب “تهذيب الكمال ” وقد تعلم ابن كثير من الشيخ جمال
الكثير كما أنه تزوج من ابنته .وقد ألف
ابن كثير في صغره كتاب “أحكام التنبيه” ، وقد أعجب شيخه البرهان الفزاري
بهذا الكتاب كثيرًا وأثنى عليه ، وقد كان ابن كثير جيد الحفظ ، قليل النسيان ، وقد
درس أهم كتب الفقهاء وهو في سن صغير مثل الموطأ للإمام مالك ، والجامع الصحيح
للإمام البخاري ، والسنن الكبرى للبيهقي .وخلال
حياته ألف الإمام مجموعة من الكتب التي مازالت الأمة تتناقلا عبر الأجيال من
أشهرها كتاب تفسير القرآن الكريم والذي اشتهر باسم تفسير ابن كثير ، وأيضًا كتاب
البداية والنهاية والذي يعد موسوعة ضخمة تؤرخ للبشرية منذ بداية خلق السموات
والأرض وحتى القرن الثامن الهجري ، وأيضًا كتاب جامع السنن والمسانيد لابن كثير ،
وكتاب التكميل في الجرح والتعديل والذي جمع فيه بين كتابين تهذيب الكمال وميزان
الاعتدال وكتاب رد الهدى و السنن في أحاديث المسانيد و
السنن للشيخين المزي والذهبي ، وكتاب السيرة النبوية لابن كثير وكتاب طبقات
الشافعية وغيرهم .وكان
الشيخ قد فقد بصره في أواخر حياته وهو يؤلف كتابه “جامع المسانيد” وكان
قد تبقى فيه القليل ، وقد توفي رحمه الله في دمشق عام 74 ، وأقيمت له جنازة مشهودة
، ودفن في مقبرة الصوفية بجوار شيخ الإسلام بن تيمية بناءًا على وصيته .