أبو يوسف
يعقوب بن إبراهيم الأنصاري هو أول من لقب بقاضي القضاة في الإسلام ، وهو من تلاميذ
الإمام أبي حنيفة النعمان ، وقد اعتبره العلماء من أفقه علماء عصره ، وهو أول من
وضع أصول الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان .ولد أبو
يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حبيش بن سعد بن بجير بن معاوية الأنصاري الكوفي
في مدينة الكوفة عام 113 للهجرة ، وكان محبًا للعلم من صغره ، وكان الإمام أبو
حنيفة يقيم مجلس علم فتتلمذ على يده ولازمه معظم حياته ، وكان والد أبو يوسف له
حانوت صغير في الكوفة ولكنه كان رجلًا فقيرًا ، فقال له أبوه ألا يتتبع أبو حنيفة
لأنه يحتاج إلى المال أما أبو حنيفة فرجل غني .فلم رآه أبو حنيفة قد أقل من حضور مجلسه ، فسأله عن السبب ، فلما علم السبب أعطاه مائة درهم ، وقال له التزم بحضور حلقة العلم ، وإذا نفذت الدراهم فأخبرني ، ثم أعطاه مائة درهم أخرى بعد عدة أيام ، ويقول أبو يوسف أن أبو حنيفة لم يدعه وكان يتولى كسوته ويعطيه المال دون أن يطلب .ولم يدرس
أبو يوسف على يد الإمام أبو حنيفة فقط ، ولكنه أيضًا سمع من يحيى بن سعيد الأنصاري
وهشام بن عروة ، وعطاء بن السائب ، وأيضًا رحل إلى المدينة واستمع للإمام مالك ،
وقد جمع بين علم الإمامين .وعمل أبو
يوسف في القضاء عام مائة وستة وستين للهجرة في عهد الخليفة العباسي المهدي ، وفي
عهد الخليفة هارون الرشيد تولى منصب قاضي القضاة وهذا المنصب قد تم استحداثه لأول مرة
في هذا الوقت .بعد أن
أصبح أبو يوسف قاضي القضاة جعل مذهب أبو حنيفة هو المذهب الرسمي في القضاء
والإفتاء ، مما أتاح لهذا المذهب الانتشار ، كما أن أبو يوسف قد صقله ووضع طرق
لمعالجة قضايا ومشاكل الناس والقضايا الأمة ، كما أنه وضع مجموعة من تلاميذه في
كراسي القضاء في جميع أنحاء الدولة .علاقته مع هارون الرشيد :كان هارون الرشيد يحب القاضي أبو يوسف بسبب علمه ، وقد قربه منه ، وحج معه ، وجعله يؤمه في الصلاة ، كما أن هارون الرشيد أرسل لأبو يوسف يطلب منه أن يضع له كتابًا عن مالية الدولة وفق أحكام الشريعة الإسلامية الحنيفة ، فوضع له كتاب “الخراج” والذي يعد من أعظم كتب الفقه الإسلامي ، وقد تضمن هذا الكتاب بيانًا بكل موارد الدولة ومصارفها وفقًا لما جاءت به الشريعة الإسلامية ، كما وضح الطريقة المثلى لجمع تلك الأموال ، والواجبات التي يلزم بها بيت مال المسلمين .وقد توفي
قاضي القضاة محمد أبو يوسف في 5 ربيع الأول عام مائة واثنين وثمانون للهجرة ، وقد
صلى عليه هارون الرشيد ، وأمر بدفنه في مقابر قريش في شمال بغداد .أهم أعماله:وترك القاضي أبو يوسف مصنفات فقهية كثيرة أهما كتاب الصلاة والزكاة والصيام والفرائض والبيوع والحدود ، والآثار وهو مسند لأبي حنيفة ، رواه أبو يوسف عنه ، ويضم مجموعة من الأحاديث التي اعتمد عليها أبو حنيفة في بعض ما استنبطه بنفسه من أحكام وفتاوى، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من فتاوى التابعين من فقهاء الكوفة والعراق ، وله أيضا كتاب “اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى” ، وهو كتاب جمع فيه أبو يوسف مسائل اختلف فيها أبو حنيفة مع ابن أبي ليلى الفقيه الكوفي المعروف .