يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز ” إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا” صدق الله العظيم (سورة الإنسان
الآية 2،3) .فالابتلاء أمر لابد أن يصيب الإنسان بدرجات مختلفة حتى يختبر الله صبرنا وإيماننا بالقضاء ، ولكن في المقابل فإن الله أعد للصابرين أجرًا عظيمًا بما صبروا ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .وقول عليه الصلاة والسلام أيضًا ” “ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة” [رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الجامع (5815)] .القصة الأولى :
ويروي لنا عن قصص عظيمة عن أناس صبروا على ابتلاء الله ، ومن تلك القصص ، أنه يحكى أن ذات يوم مر رجل صالح على رجل أعمى ومصاب بالشلل النصفي ، وقد تقرح جسده ، فوجده يقول الحمد لله الذي عافاني ما ابتلى به كثيرًا من خلقه ، فتعجب الرجل الصالح كيف لهذا الإنسان المبتلى بكل تلك الأمراض أن يقول ذلك ، فقال له يا أخي كيف عافاك الله مما ابتلى خلقه وقد تزاحمت عليك كل تلك المصائب ، فقال له الرجل : ابتعد عني يا بطال ، ألا ترى أن الله قد عافاني إذ أطلق لساني ليوحده ، وقلبي ليشكره ويذكره في كل الأوقات .القصة الثانية :
وهذه القصة تشرح في الواقع معنى الصبر الجميل الذي ورد على لسان سيدنا يعقوب عليه السلام كما أخبرنا المولى عز وجل وهو الصبر على البلاء بدون شكوى ، قال تعالى في سورة يوسف الآية 18 ” فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ” .ومن القصص الأخرى عن فضيلة الصبر على الابتلاء ، يروى أن رجلًا كان معروف بتقواه كانت كلما أصابته مصيبته ، قال خيرًا إن شاء الله ، وذات ليلة أتى ذئب فأكل الديك الوحيد الذي كان يربيه في حظيرته ، فقال خيرًا إن شاء ، وفي نفس الليلة ضرب الذئب الكلب الذي كان يحرس بيته ، فمات الكلب ، فقال الرجل خيرًا إن شاء الله ، وأيضًا في نفس الليلة سمع حماره ينهق ، فذهب ليراه وجده قد مرض ومات أيضًا ، فقال الرجل كلمته الشهيرة خيرًا إن شاء الله .فشعرت زوجته بالضيق وقالت له كيف تقول خيرًا ونحن فقدنا كل ما نملك ، وفي الليلة التالية نزل إلى قريتهم مجموعة من الأشرار الذين أغاروا على كل منازل القرية وقتلوا كل من فيها ونهبوا كل ما وجدوه ، إلا منزل ذلك الرجل الصالح ، لأن اللصوص قد استدلوا على المنازل من خلال صياح الديكة ، ونهيق الحمير ونباح الكلاب الموجودة فيها ، أما منزل الرجل الصالح فكان مظلم ولا يصدر منه أي صوت فلم يذهب إليه اللصوص .