قبيل يوم العيد بعدة ليال استدعى رسول الله صلّ الله عليه وسلم أيا هريرة رضي الله عنه وأمره أن يحفظ أموال زكاة الفطر حتى لا تطالها أيدي ذوي النفوس المريضة فتلقى أبو هريرة الأمر النبوي بهمة عالية بل كانت هذه المهمة الموكلة إليه مصدر للفخر فقد اختاره النبي صلّ الله عليه وسلم دون غيره من الصحابة وبدأت صدقات الفطر تتوافد على أبا هريرة من أنحاء المدينة المنورة وهو يشرف على خزنتها وحفظها تمهيدًا لتوزيعها يوم العيد .حتى إذا جاء الليل وسكنت الحركة واشتد الظلمه فرصد أبا هريرة حراك مشبوه يدل على محاولة لسرقة أموال المسلمين وكان مصدر هذه الحركة رجل تستر بجنح الليل لينهب الطعام بكتلا يديه فانقض أبو هريرة عليه وأمسك به وقال له لأرفعنك إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم وارتعد فرائس ذاك الشخص المجهول وزاغت عيناه وبدت ملامح الخوف عليه وهو يقول بصوت يقتر ألمًا إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة فرقت نفس أبو هريرة رضي الله عنه وهو يسمع كلماته .وهنا قرر أبو هريرة أن يترك صراحة ويخلي سبيله وجاء الصباح وانطلق أبو هريرة وصدى الحوار الذي دار بيه وبين الرجل لا يزال يرن في أذنه ويزكي في نفسه مشاعر الرحمة والشفقه ورآه النبي صلّ الله عليه وسلم مقبلًا فإذا به يسأله يا ابا هريرة ما فعل أسيرك البارحة فدهش أبو هريرة رضي الله عنه بهذا السؤال كانت أحداث الأمس بمعزل عن الناس لم يسمعه أحد ولكنه رسول الله صلّ الله عليه وسلم المتصل بوحي السماء فأخبره أبو هريرة بتفاصيل ما حدث له واستمع له النبي صلّ الله عليه وسلم باهتمام ثم أعلن له الخبر المفاجئ .أما إنه قد كذبك وسيعود وتحولت مشاعر الرحمة في نفس أبي هريرة لغضب عارم وهكذا ظل أبا هريرة يترقب طيلة يومه ونهاره وفي الليل ألقى القبض على الرجل المتلبس بفعلته ولكنه كان بارع التظاهر لديه القدرة على الإقناع فشرع يتصنع المسكنة والذلة مرة أخرى وأطلق صراحه للمرة الثانية ، وفي الصباح أخبر أبا هريرة رسول الله صلّ الله عليه وسلم بما حدث وتكرر تحذير الرسول له .فقرر أبا هريرة أن يراقب الرجل هذه المرة قبض عليه ورفض إطلاق صراحة في المرة الثالثة وهنا لجأ الرجل لأسلوب جديد فقال دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها وهنا رق أبا هريرة لدوافع الخير والاستفادة من العلم فقال أن قراءة أية الكرسي تحفظ المؤمن من كيد الشيطان وتمنعه من الاقتراب منه حتى يصبح وعند الصباح أخبر أبا هريرة النبي صلّ الله عليه وسلم بما حدث فأقر النبي صلّ الله عليه وسلم بصحة القول أما إنه قد صدقك وهو كذوب ثم قال النبي صلّ الله عليه وسلم لأبا هريرة ذاك شيطان ..