كانت
الصحابية أسماء بنت عميس الخثعمية من السابقين الأوائل للإسلام قبل دخول سيدنا
محمد عليه الصلاة والسلام إلى دار الأرقم ، وقد هاجرت مع زوجها سيدنا جعفر ابن أبي
طالب رضي الله عنه إلى الحبشة وأنجبت أول طفل للمسلمين في الحبشة وهو عبد الله بن
جعفر بن أبي طالب ، ثم هاجرت إلى المدينة لذلك لقبت بصاحبة الهجرتين ، كما أنها
تزوجت ثلاثة من كبار الصحابة المبشرين بالجنة وهم سيدنا جعفر بن أبي طالب وسيدنا
أبو بكر الصديق رضي الله عنه وسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه .كانت أسماء بنت عميس عروس عندما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام المسلمين بالهجرة للحبشة ، فهاجرت مع زوجها سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقد أنجبت السيدة أسماء بنت عميس ثلاثة أبناء لسيدنا جعفر رضي الله عنهما وهم عبد الله ومحمد وعون ، وقد قضت ثلاثة عشر عامًا في الحبشة .ويقال
أنها بعدما هاجرت إلى المدينة ذهبت لأم المؤمنين حفصة لتتسامر معها ، وبينما هما
جالستان تتحدثان جاء سيدنا عمر بن الخطاب لزيارة ابنته ، فلما وجد السيدة أسماء
بنت عميس هناك هلل لعودة المهاجرين من الحبشة ، ولكنه ربما أراد أن يمزح معها فقال
لها ” لقد سبقناكم بالهجرة إلى المدينة يا أسماء، فنحن أحقّ برسول الله منكم ” .فغضبت السيدة أسماء بنت عميس وقالت له سوف أشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما اشتكت لرسول الله صل الله عليه وسلم ابتسم وقال لها ” ليس بأحقّ بي منكم له ولأصحابه هجرةٌ واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان “.وقد كانت
أسماء بنت عميس تتباهى بزوجها الصحابي جعفر بن أبي طالب ، ولكن بعد بقائهم في المدينة
لمدة عام ونصف تقريبًا أي في السنة الثامنة للهجرة ، قرر النبي عليه الصلاة
والسلام إرسال جيش إلى بلاد الشام أطلق عليه سرية مؤتة ووضع عليه ثلاثة أمراء وهم
زيد بن حارثة وإن قتل فجعفر بن أبي طالب وإن قتل فعبد الله بن رواحه ، وقد استشهد
الثلاثة رضي الله عنهم بعد أن أبلوا بلاءً حسنًا في المعركة .ولما بلغ الخبر إلى رسول الله صل الله عليه وسلم قرر أن يخبرها بنفسه ، وتقول أسماء بنت عميس دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي أصيب به جعفر وكنت قد عجنت عجيني وغسلت بَنيّ ودهنتهم أي عطّرتهم ، فقال لي : يا أسماء أين بنو جعفر؟ فجئت بهم إليه فجعل يتشمّمهم ويضمّهم وعيناه تذرفان بالدمع ، فاستغربت أسماء فهي لم ترَ النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا من قبل ، فوَجَفَ قلبها عندما خطر في بالها أن مكروهًا ما حدث لزوجها الحبيب جعفر، سألته بصوتٍ مرتجف : يا رسول الله لعلّه بلغك عن جعفرٍ شيء ؟ فقال بصوتٍ يغالب الدموع : نعم، نعم يا أسماء لقد استُشهد جعفر في سبيل الله .حزنت
أسماء على زوجها وبكت كثيرًا ونعته بتلك الأبيات ” فآليتُ لا تنفكُّ نفسي
حزينةً عليكَ ، ولا ينفكّ جلدي أغبرا فاللّهِ عينا من رآى مثلهُ فتىً ، أكرّ وأحمى
في الهياجِ وأصفرا” .بعد
انتهاء عدتها عرض عليها النبي عليه الصلاة والسلام الزواج من أحد كبار الصحابة فتزوجت
السيدة أسماء بنت عميس من أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فأنجبت له ولد يسمى محمد
بن أبي بكر وظلت زوجته حتى وفاته ، وقد أوصى أبو بكر بأن تتولى اليدة أسماء غسله
بعد وفاته ، وقد فعلت وأعانها ابنه عبد الرحمن ابن أبي بكر .وقد اشتهر عن أسماء بنت عميس أنها أول من صنع نعش للميت ، فعندما دخلت على السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وهي على فراش الموت وجدتها حزينة وقالت لها أنها تكره الغطاء الذي يضعوه فوق النساء بعد موتهم فيصف حجم جسدهم ، فقالت لها أنها رأت شيئًا في الحبشة وسوف تصنع مثله ، وأتت بالأخشاب والجرائد وصنعت صندوق وغطته بثوب من الأعلى ، فأعجبت السيدة فاطمة رضي الله عنها بالفكرة .بعد أن
انتهت عدة الصحابية خطبها سيدنا علي بن أبي طالب وتزوجها وأنجبت له يحيى وعون وظلت
مع سيدنا علي رضي الله عنه حتى استشهاده ، ولم تتزوج بعد ذلك ، ويقال أنها توفيت
في عام 38 للهجرة ، وقد روت خلال حياتها عن النبي عليه الصلاة والسلام 60 حديثًا ،
فرضي الله عنها وأرضاها .