قصة الصلاة الحرام في مساجد أندونسيا

منذ #قصص اجتماعية

كان صوت أذان المغرب ينادي من مئذنة من مسجد قريب منا ، فنوينا الدخول للصلاة فيه ، حتى سمعنا صوت منادي آخر ينادي من بيننا ، وهو يقول عبارة غريبة على مسامعنا ، فقد قال فض فوه : لا تصلوا في مساجد أندونسيا ، فالصلاة فيها ربما تكون حرام !!فتوى عجيبة :
وكانت هذه الفتوى التي أفتى بيها أحد المفتين من الذين كانوا معنا ، والذي كانت كل مؤهلاته الإفتائية تتلخص في لحيته الطويلة ، التي لم يحلقها منذ أكثر من عشر سنوات ، وكان هذا الشخص عائدا لتوه من رحلة من العراق .والتي لم يكن يعلم قبل زيارتها أن المسلمين حول العالم منقسمين إلى فريقين : فريق أهل السنة والجماعة وهو الأكبر ، وفريق آخر كونفدرالي يتكون من فرق أخرى صغيرة من لشيعة وطوائفها المتعددة ، وما يستجد من فرق سياسية ميزت نفسها حسب المذاهب ، التي لم تكن موجودة من الأساس على عهد النبوة الأولى !صلاة مقبولة :
وكانت هذه هي البوادر الأولى التي تنسى دائمًا أن الكل في النهاية مسلمون ، يصلون لرب واحد ، لكن الصلاة يجب ألا تكون في مسجد واحد ، كما أفتى صاحبنا الشيخ بأقدمية الذقن الطويل .ولأن لا أحد منا لم يكن قد عمل مفتيا لأعالي البحار قبل ذلك ، ولم نكن نعلم كذلك بمذاهب أندونسيا ، وهل هم من الشيعة أم من السنة ، فكل ما كنا نعمله عنهم أنهم مسلمون مثلنا ، ولكن يبدو أن هذا لم يكن يكفي مفتينا الهمام ، فطلب منا توخي الحذر والسؤال قبل دخول المسجد ، وتكون صلاتنا غير مقبولة في مساجد الشيعة .الانقسام :
حتى انقسمنا نحن كذلك لثلاث فرق : فرقة قررت ترك الصلاة نهائيا اتقاءاً للشبهات ، وذنبهم في رقبة مولانا المفتي ، وفرقة قررت الصلاة على أي حال ، والنية محلها القلب ورب هنا رب هناك ، وفرقة قررت سؤال المصلين الداخلين إلى الصلاة ، لكن الفرقة هذه لم تصل إلى أي نتيجة .رد الفعل الاندونيسي :
كانت الاجابة واضحة ودائمة من كل اندونيسي رأيناه يدخل للصلاة في المسجد ، وسألناه على الصلاة في هذا المسجد على أي مذهب ، فكانت الاجابة واحدة Salat inside ، فلم يكن أحدهم يعرف معني ذلك السؤال ، أو حتى الفرق بين السنة والشيعة ، أو لنقل أنهم كانوا يعتقدون أننا نسألهم عن مكان الصلاة وفقط ، فقررنا أن نصلي كذلك وفقط ..الصلاة في المسجد :
فنحن نصلي لرب المكان لا لمن قام ببنائه ، حتى أفتانا المفتي بفتواه الأخيرة ، وهي أننا إذا رأينا أحدهم يسجد برأسه على قطعة فخار فالمسجد للشيعة ، وإن كان يسجد على حصير المسجد مباشرة فهو من أهل السنة ، بلا شك .طلب التوقف عن الافتاء لغير المتخصص :
فطلبنا منه أن يتوقف نهائيا عن اصدار تلك الفتاوى بغير علم ، فلم تكن مهنته إلا كهربائي على على السفينة ولم نعلم حتى الآن أن هناك كهربائيين شرعيين ، ونحمد الله أن هؤلاء القوم في آسيا قد أسلموا قبل أن تصبح الفتوى في الدين هي مهنة كل من هب ودب أو من عقله تكهرب أو مهنة من لا مهنة له .قلوب عمرة بالإيمان :
كان المشهد مبهر للغاية داخل المسجد ، على الرغم مما كان يبدو عليه من البساطة الشديدة ، وأشبه ما يكون بالمساجد في القرى المصرية ، حيث الصلاة تكون على حصير مصنوع يدويا ، قبل ظهور الحصير البلاستيك حاليا ، وتتدلى من سقفه العالي مجموعة من المراوح الكهربائية البطيئة ، أما الإضاءة فكانت بمصابيح الفلورست  البيضاء ، وكان الانبهار الحقيقي ليس في إضاءة المصابيح ، بل في الإضاءة الحقيقية ، التي تنبع دائما من القلوب العامرة من الإيمان ، والتي اصطفت للصلاة في أبدع منظر يمكن أن تراه أو أن تسمعه في حياتك .صلاة وخشوع :
والحقيقة أن السمع هنا أبدع من الرؤية ، فما أروع أن تسمع القرآن ينساب من على لسان غير ناطق بالعربية ، حيث تجد صعوبة النطق والتلعثم في الحروف والكلمات ، ولكن اللسان يصر على القراءة ، كما طفل صغير يردد الآيات التي حفظها للتو ، فيقع في أخطاء النطق والتشكيل ، ولكنها أخطاء يجازي بها الله عباده خير الجزاء ، فسبحان من أنطق تلك الألسن بما لا تفهم من الكلمات والمعاني ، لتدخل معهم في حالة الخشوع الغريبة .الصلاة على الفطرة داخل أندونسيا :
انتهينا من الصلاة ، على الرغم من كثرة الفتاوى التي كادت تمنعنا منها ، ولكن كانت سعادتنا أكثر بالمسلمين هناك والفطرة التي فطرهم الله عليها .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك