أبناؤنا هم ما زرعته أيدينا ، فإن كانت البذرة صالحة سيكون النبت صالح ، وإن كانت فاسدة سيكون النبت فاسد ، لذا لا داعي للمغالاة في التدليل حتى لا تكون العواقب وخيمة ، فالاعتدال في الشيء أفضل شيء .يُحكى أنه كان هناك شاب مدلل من قبل والده الغني ، كان يفعل ما يحلو له ويطلب كل ما يريد ، وحينما اقترب يوم تخرجه من الجامعة ، رأى سيارة جميلة جدًا في معرض للسيارات ، وأراد الحصول عليها كهدية يوم تخرجه .فدخل المعرض وأخذ تفاصيل السيارة وسعرها وكل شيء عنها ، وأخبر والده بأنه يريد تلك السيارة كهدية في يوم تخرجه ، كان الشاب متحمسًا جدًا لأن أبيه لا يرفض له أي طلب ، وجاء يوم التخرج وبعد الحفل ومباركة الأصدقاء ، عاد الشاب للمنزل وهو سعيد على أمل الحصول على هديته التي ينتظرها .وبالفعل أرسل والده الغني في طلبه وأعطاه هدية ملفوفة بشكل جميل ، وأخبره كم هو فخور به ، ابتسم الشاب وفتح الهدية بسعادة بالغة على أمل أن يري مفتاح السيارة الرياضية بداخلها ، ولكن ما وجده بداخل الهدية أغضبه كثيرًا ، لقد كانت عبارة عن كتاب .أصيب الشاب بخيبة أمل كبيرة وغضب جدًا لرؤية الكتاب بدلًا من مفتاح السيارة الرياضية ، ورفع صوته على والده وهو يقول له : مع كل هذا المال الذي تملكه لم تحضر لي السيارة التي طلبتها ، كم أنت أب سيئ ، ثم رمى الكتاب من يده وانصرف إلى خارج المنزل ، وقرر ألا يعود إليه أبدًا .ومرت سنوات عديدة وأصبح الشاب رجل أعمال ناجح مثل والده ، ولكنه لم يرى والده منذ يوم تخرجه ، وفي أحد الأيام تلقى برقية تفيد بأن والده قد توفي وترك له كل ثروته ، ويجب عليه الحضور ليتسلم تركة أبيه .عندما وصل الشاب إلى بيت والده تذكر طفولته معه ، وشعر بالحزن الشديد والأسف على رحيله ، وجلس على مكتب والده يبكي ، وبعد فترة بدأ يبحث في الأدراج عن رسائل من والده ، وفي أحد الأدراج وجد نفس الكتاب الذي أعطاه له والده بيوم تخرجه .فعادت له كل الذكريات ، وبكى بحرقة شديدة وهو يفتح الكتاب ثم بدأ يقلب صفحاته ، وفي منتصف الكتاب كانت المفاجأة حيث وجد حفرة في المنتصف بها مفتاح السيارة الرياضية ، التي كان قد طلبها من والده ، ومكتوب تحتها جملة مع الحب لابني الحبيب الذي جعلني فخورًا به جدًا ، حينها لم يتمالك الابن نفسه وأجهش بالبكاء المتواصل على ما فعله في حق والده الذي لم يبخل عليه أبدًا ، ولكن تدليله الزائد له جعله يتمرد عليه ويتركه ويذهب بعيدًا .القيمة الأخلاقية المستفادة :
إن الآباء يضحون بكل شيء من أجل أبنائهم ، لذا في أوقات الغضب علينا أن نتوقف لحظة للتفكير ، قبل اتخاذ أي حكم قاسي في حقهم ، والأهم من ذلك نحن بحاجة إلى تعلم الغفران قبل فوات الأوان .