الرحمة هي صفة ضرورية لابد أن تتوفر في قلب الإنسان ، والرحمة لا تتجزأ بمعنى من يكن رحيمًا بالإنسان لابد وأن يكون رحيمًا بالحيوان ، فلا يجوز لأي شخص إيذاء أي حيوان دون سبب يستدعي ذلك كأن يكون حيوان مفترس يهجم عليه مثلًا ، ولكن الإقدام على إيذاء الحيوانات أو أي مخلوق دون سبب فإنه سيحاسب أمام الله عما اقترفه من ذنب في حق تلك المخلوقات ، ومع ذلك فإن هناك قسوة ولدّت من باطنها الرحمة مثلما حدث مع بطل هذه القصة .شاب يكره القطط :
قد لا يبدو الأمر غريبًا أن يوجد شخص يكره القطط ، ولكن المفزع في الأمر هو أن يقوم بالتحريض على إيذائها بطريقة وحشية ، إنها قصة شاب من المملكة يُدعى ” عبدالرحيم عبدالهادي بوعريش” الذي يعيش في الأحساء شرق المملكة ، وهو شاب يمتلك كلبًا أحسن تدريبه بشكل جيد على فهمه والإنصات إليه .وكان بوعريش لا يتوانى عن التعبير عن كراهيته للقطط من خلال تحريض كلبه على إيذائهم بأبشع الصور ، وهو لا يفكر في اي شيء سوى الانتقام من هذه القطط دون التفكير فيما يشعرون به من ألم وحزن وفقدان .من الكراهية إلى الرحمة :
وذات يوم طلب بوعريش من كلبه ان يقوم بافتراس إحدى القطط ، وبعد أن فعل كلبه ما أمره به فوجئ بخبر مؤلم ، أو ربما جاء سببًا ليتغير حاله من الأسوأ إلى الأفضل ، حيث علم أن تلك القطة التي افترسها كلبه قد تركت خلفها صغارًا يعانون خلف صخرة ، كان هذا الخبر بمثابة النور الذي أضاء الطريق أمام الشاب ، حيث أنه شعر بمدى ألم تلك القطط الصغيرة التي فقدت أمها نتيجة تصرفه غير الرحيم .نقطة تحول :
من هنا تحولت حياة بوعريش تمامًا وانقلبت رأسًا على عقب ولكن إلى الافضل ، حيث أنه فكرّ طويلًا فيما فعله ليكتشف أنه ولابد من إصلاح حاله تكفيرًا عما مضى في حياته ، وبالفعل نجح في أن يصبح منقذ الحيوانات الأول في الأحساء ، حيث أنه قام باحتضان الحيوانات في مزرعته الخاصة ليقوم برعايتها وحمايتها من أي ضرر قد يلحق بها .لم يكتف بوعريش بهذا الأمر ، بل إنه حاول الوصول إلى الناس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ليدعوهم إلى الرفق بالحيوان حتى لا يكرر أي شخص ما فعله في السابق ، ويُعتبر بوعريش في الأساس مربي كلاب ، إلا أنه نجح في مهمة إنقاذ آلاف الحيوانات منذ أن تعهد بحمايتهم .أصبح بوعريش يمتلك آلاف المتابعين على المواقع الاجتماعية ، وبالتالي أصبحت البلاغات تنهال عليه عن قطط مريضة أو كلاب مصدومة او حيوانات تصارع الموت ، وذلك من أجل الذهاب لإنقاذهم ، وهو بالفعل لا يتأخر عن ذلك مطلقًا ، كما أنه تبنى الإنفاق على كل هذه الحيوانات من خير مزرعته الخاصة ، حيث أنه يرفض الحصول على أي تبرعات مالية من أي شخص ، لأنه يرغب في أن يسري كل شيء بشكل قانوني دون التعرض إلى المساءلة القانونية .قام بوعريش بالتواصل مع مؤسسات الرفق بالحيوان من أجل إيجاد المساعدة في إيقاف تسميم الكلاب ومحاولة الوصول إلى حلول أكثر إنسانية ، وهكذا تحول بوعريش من عدو للقطط والحيوانات إلى أوفى صديق يسعى إلى الحفاظ عليهم وحمايتهم من بطش الإنسان ، فكانت صورة القطة الأم التي تركت صغارها بعد أن قتلها كلبه لها الفضل الأكبر في تحويل حياة هذا الشاب إلى الأفضل ؛ ليصبح من أشهر منقذي الحيوانات بالمملكة .