قبل أسبوعين من حفل الزفاف كانت العروس في غاية السعادة ، فبعد قصة حب جمعت بينها وبين زميلها أثناء دراستها بكلية الهندسة ، أخيرًا اقترب موعد زفافهما ، كانت العروس وأمها تستعدان لكل تفاصيل اليوم ، فقد تم حجز القاعة والانتهاء من تجهيز الشقة ، وشراء كل المستلزمات الضرورية لمنزل العروسين .ولكن فجأة وفي خضم كل تلك الاستعدادات سقطت الأم ، ليصرح الأطباء بمرضها الخطير وأنها تعاني من مرض الكانسر ، فحزنت الأسرة بدلًا من أن تفرح وقررت العروس الحزينة أن تتصل بخطيبها لتأجيل موعد الزفاف ، ولكن رفضت الأم بشدة حدوث هذا .وأصرت أن يتم كل شيء في ميعاده كما تم الترتيب له دون تأخير ، ولكن كل يوم كانت حالة الأم تسوء حتى جاء يوم الزفاف ، وحاولت العروس جاهدة التأجيل ولكن دون فائدة فقد كانت رغبة أمها الوحيدة ، أن تفرح بها قبل أن تلاقي ربها .وفي اليوم الموعود حاولت العروس أن تتكيف مع الوضع ، وتتناسى مرض أمها ولو لساعتين فقط ينتهي فيهما العرس ، ولكنها لم تستطع كيف تفعل هذا ؟ وأمها التي ربتها وأفنت عمرها من أجلها على مشارف الموت ، وهي تصارع ذاك المرض اللعين ؟ كيف تفرح وأمها تتألم ؟كان كل ما يدور بخلدها وقتها أن تترك العرس وتهرب إلى حضن أمها ، وفجأة ودون سابق إنذار لاحظ كل المدعوين أن العرس تركض باتجاه باب القاعة ، وهي تجر خلفها طرحتها التي تلامس الأرض وفستانها الأبيض ، وعند الباب توقفت لتحتضن ضيفًا عزيزًا .لقد كان الضيف هو نفسه أمه التي لم تستطع الصبر على ترك ابنتها وحدها في هذا اليوم ، ورغم تحذيرات الأطباء من مدى خطورة خروجها إلا أنها لم تلتفت لكل ذلك ، فكل ما كان يشغلها في تلك اللحظة هو رؤية فلذة كبدها ومشاركتها فرحتها .وهنا انهمرت دموع العروسة وبكت فبكى كل من حولها من المدعوين ، فقد كان المشهد مؤثر اختلط فيه الفرح بالحزن ، وامتزجت الدموع بالابتسامة حينما طلت الأم بوجهها المرهق في وجه ابنتها العروس .لتقدم الأم بذلك أعظم رسالة للبشرية ، فمهما استطاع الأبناء التحمل والصبر على فراق الأم ، هي لا تتحمل فهم قطعة منها وجزء لا يتجزأ من روحها ، وما هي إلا دقائق وجاءت عربة الإسعاف ثانية لتنقل الأم إلى المستشفى مرة أخرى ، مع دعاء كل المدعوين لها بالشفاء والأمل في رحمة الله .