يحكى أنه كان هناك شاب في مقتبل عمره ، إذ كان يبلغ عشرين عامًا ، كان ذلك الشاب الابن الوحيد لأبويه ، ولكن شاءت الأقدار ، ولقيت أمه حتفها ، وذلك عندما بلغ من العمر 16 عامًا ، وقتها كان طائشًا ، ينجذب فقط إلى كل مختلف ، وما هو جديد ، حدث ذلك نتيجة لأصحاب السوء ، الذين سمح لنفسه ، أن يكون من بينهم ، وأن تحاوطه أفكارهم الشريرة ، المهلكة ، ولسوء الحظ ، أن والده كان لا يحرمه من أي شيء ، ولا يرفض له أي طلب ، فجميع أوامر الشاب مجابة ، دون أي تفكير ، ظنًا من الأب أنه بذلك يعوضه عن فقدان أمه ، وأنه سيكون السند لأبيه يومًا .ظل الأب يلبي لابنه ما يشاء من متطلبات يومية ، دون وعي منه ، ودون أن يفكر للحظة أن ذلك سينقلب ضده يومًا ما ، وكان كل ما يشغله ، أن يسعى جاهدًا من أجل إرضاء ابنه ، ومن فرط تدليل الأب لابنه ، وجده يومًا ، قد قرر أن يترك حياته الدراسية ، بدون أي سبب مقنع ، ومن هنا كانت البداية لانقلاب حياة ذلك الشاب رأسًا على عقب ، وانقلب يومه ، فأصبح سهران طوال الليل ، نائمًا طوال النهار ، لا يتسنى لوالده أن يراه أبدًا طوال اليوم .تعجب الأب لحال ابنه ، ولاحظ أن ابنه قد أوشك بحالته تلك ، على الهلاك ، والضياع ، فقرر أن ينقذ ابنه مما لحق به ، وذهب إلى ابنه ، حتى يتحدث معه ، ويذكره بأنه أصبح شابًا يافعًا ، ولا بد أن يتحمل المسئولية ، ويخطط إلى مستقبله ، وأخبره بأنه كبر في السن ، ولم يعد يتحمل المشقة ، والتعب ، كما كان من قبل ، فالوقت آن ، حتى يتسلم الابن المسئولية عن كاهل أبيه ، ولكن كانت الصدمة ، فالابن ما عاد يستمع إلى كلام أبيه ، كما كان من قبل ، ولم يخرج الأب من خلال حديثه معه بأمر نافع .كثيرًا ما كان يتحدث الأب إليه ، ولكنه كان يدير ظهره في كل مرة ، ولا يعي ما يقوله والده ، ظلت رفقة السوء تدمر إليه حياته شيئًا فشيئًا ، فكانوا يقترفون الآثام ، والمنكرات ، وساءت الأحوال أكثر من ذي قبل ، وهنا قرر الأب أن يوقف ابنه عند حده ، ويواجهه بكل ما يقترفه من مساوئ ، وأتت اللحظة الحاسمة .ذات يوم ، انتظر الأب ابنه ، حتى رجع ، فوجده يهذي ، وليس بوعيه ، وهنا لجأ الأب إلى نهر الابن ، والصراخ عليه ، ظنًا منه ، بأن ذلك هو الحل ، وقام بصفعه على وجهه ، ولكن كانت المفاجأة ، فقد رد ذلك الابن العاق الصفعة إلى أبيه أشد مما صفعه ، مما تسبب في سقوط الأب صريعًا على الأرض ، ولم يتحرك حركة واحدة .فرح الابن لما علم بنبأ وفاة والده ، فالفرصة قد سنحت له ، وأصبح يتمكن من التصرف كيفما يشاء ، دون تحكمات ، وهنا وجد أصدقاؤه الفرصة ، واستولوا على جميع أمواله ، وأوقعوه في مكيدة ، أودت به إلى السجن ، وقد تعرض ذراعه الذي ضرب به أباه إلى البتر ، نتيجة لإصابته بمرض خطير ، عاش الابن في حسرة ، وندم ، وظل يتضرع إلى الله بأن يعفو عنه ، وعن والديه ، وأخلص النية إلى الله على عدم العودة إلى ما مضى .