في يوم من الأيام ، كان هناك قاضٍ أمين ، في إحدى البلاد ، كان يتسم ذلك القاضي بعدله ، وفطنته ، وحكمته ، وقدرته على التخمين ، ومعرفة البريء من المذنب ، كان الجميع في البلاد يتحاكى بعدله المتناهي ، ولكن كان لذلك القاضي ابن ، لم يقتنع يومًا بعمل والده كقاضي للبلاد ، ولم يقتنع بعدل والده على سبيل الدوام ، مما اضطر الولد إلى اتهام والده ، بأنه لا قدرة له بتطبيق العدل في كل حال ، وطلب من والده أن يترك عمله في القضاء .رفض الأب طلب ابنه ، وكأن ابنه لم يقل شيئًا ، ومضي القاضي بين الناس ، وظل يمارس عمله في القضاء بشكل طبيعي ، مما أغضب ابنه غضبًا شديدًا ، مما دفعه إلى ترك المنزل ، ومغادرة أسرته ، كان ذلك الولد يظن أن والده يظلم الناس ، كما يسمع عن كثير من القضاة ، وعن ظلمهم ، وطغيانهم ، وظن أن والده كمثلهم ، يخدع الناس ، ويجور في حكمه عليهم .اتجه الابن إلى أحد الشيوخ الأغنياء ، فاستقبله الشيخ أروع استقباله ، وقد ظل الابن عن الشيخ في الليلة الأولى ، وفي الصباح ، خرج الشيخ مع أولاده ، وترك الضيف نائمًا ، وبعد نوم عميق ، استيقظ الابن ، على صوت نزاع ، وصياح زوجات الشيخ ، حيث كانت إحدى زوجات الشيخ تحمل رضيع ابن زوجها ، وهو من زوجة أخرى غيرها ، وتتجول به في فناء المنزل ، وفجأة ، أدخلت تلك المرأة الشريرة ، إبرة في رأس الصغير ، بلا رحمة ، ولا هوادة ، مما جعل الطفل يصرخ ، ويصيح من فرط تألمه من دب الإبرة في رأسه ، وفجأة هدأ صوت الطفل ، ومات في الحال .سمعت الأم صراخ طفلها ، وأحست بوقع أليم انتاب قلبها ، فأسرعت إلى طفلها ، فوجدته لا يحرك ساكنًا ، وصدمت أشد الصدمة بنبأ وفاته ، ولكنها لم تعرف السبب ، فقد كانت الزوجة الأخرى ، تظهر من مشاعر الود الخادعة ، أخذت أم الطفل تبكي ، وتبكي ، وتصرخ من فرط وجعها على رضيعها ، بعد فترة وجيزة ، عاد الشيخ إلى بيته ، وصدم أيضًا بنبأ وفاة ابنه ، فلما سأل عن السبب ، أخذت الزوجتان تلقي كل منهما التهمة على الأخرى .طبعًا الابن شاهد الحقيقة كاملة أمام عينيه ، ولكنه لم يتفوه ، وطلب من الشيخ ، أن يذهبوا إلى قاضٍ يعرف بعدله الشديد ، ليرى من التي قامت بقتل الطفل ، حيث فكر في قرارة نفسه ، أن يختبر عدل والده ، ويرى حكمه ، تنكر ابن القاضي ، حتى لا يعرفه والده ، ودخلوا إلى القاضي ، فطلب القاضي من كل من الزوجتين ، أن تقسم على كتاب الله ، على قول الحقيقة .فأقسمت كل منهما على أنها لم تقتل الطفل ، فطلب القاضي العادل أن ينفرد بكل امرأة منهما ، كل على حدة ، فأخبر القاضي كل من الزوجتين ، بأنها سيتم إعدامها ، إلا إذا قبلت بالتبرج ، وارتداء ملابس شفافة ، فرفضت أم الرضيع ذلك ، وفضلت أن تعدم ، أما الأخرى ، فوافقت ، كي تنجو من فعلتها .فعلم القاضي الحقيقة ، وحكم بالإعدام على القاتلة ، لأنها بالفعل لم تخف من ربها ، أما الأخرى فهي تخشى الله ، فرح الابن فرحًا شديدًا ، وكشف عن نفسه ، وأخبر الجميع بما حدث ، وأنها بالفعل المرأة القاتلة ، وأدرك الابن حق الإدراك ، أن والده عادل ، يقضي بين الناس بالحق ، والعدل .