قصة من إبداع الكاتب الأمريكي إدجار آلان بو (Edgar Allan Poe) ، ولد إدجار في التاسع من يناير 1809م في ولاية بوسطن الأمريكية ، وكان من أصل أمريكي ، لاقي أدجار آلان بو صعوبات في طفولته ، أثرت على شخصيته ، وجعلته يتخصص في كتابة قصص الرعب فيما بعد .قصة قناع الموت الأحمر :
انتشر وباء الموت الأحمر في أرجاء البلاد ، وكان مرضًا مروعًا لا مثيل له ، ومن مظاهر هذا الوباء الآلام المبرحة ، والدوار المفاجئ ، وتدفق الدم على الجلد مع هبوط مستمر يصل إلى درجة الانهيار ، فإذا ما انتشرت البقع القرمزية على جسم المريض ، فر منه الناس كما يفرون من الأجرب ، ويقضي هذا الوباء على الإنسان في خلال نصف ساعة على الأكثر .حين رأى الأمير البروسير أن نصف شعبه قد تم الفضاء عليه بواسطة الوباء ، استدعى جميع أصدقائه وخدمه حتى المهرجين والموسيقيين ، وربات الحسن والجمال كما اصطحبوا معهم أنواع من المشروبات الفاخرة ، وكل شيء يجعلهم يعيشوا برفاهية داخل القلعة .واتجهوا جميعًا إلى أحد الأديرة والذي يشبه في تكوينه الحصون ، وقد جعل حوله حصارًا شديدًا ، وكان هذا الدير من تصميم الأمير نفسه بأسوار عالية حصينة ، وحين دخل الأمير وحاشيته ، وضعوا المتاريس الحديدية لمنع أي شخص من الاقتراب .وظل الأمير وحاشيته داخل الدير خمسة أشهر ، بينما كان الموت الأحمر يحصد في رعاياه ، وقرر عمل حفلًا بهيجًا ليلهو مع أصدقائه ، وقرر أن يكون هذا الحفل تنكري ، ويرتدي فيه الجميع الأقنعة .وكان تصميم الدير الذي يقيم به الأمير يختلف اختلافًا كليًا عن باقي القصور في ذلك العصر ، فكان الأمير قد صممه بما يتناسب مع طبعه الغريب ، فكان الدير يتكون من سبعة غرف لكل منها لون مختلف عن الآخرى ، وتطل على مشهد مختلف .فكانت الغرفة الأولى زرقاء اللون ، والثانية وردية والثالثة خضراء والرابعة برتقالية والخامسة بيضاء ، والسادسة بنفسجية ، أما السابعة فكانت تتشح بالسواد ، وكان لون زجاج نوافذها أحمر قاني بلون الدم ، وكان بها ساعة ضخمة من الأبنوس ، حين يتم عقربها دورته تصدر صوتًا موسيقيًا عاليًا وعميقًا ، يجعل العازفين يتوقفون عن العزف .اختار الأمير لأصدقائه جميع الأزياء التنكرية بنفسه ، وكانت جميعًا تسطع بالبريق متعددة الألوان ، ومنها ما كان غريبًا وما يشبه ألبسة المهابيل ، وكان الجميع يشربون الخمر ويرقصون ، عند دقات الساعة يتوقفون لبرهة ليعاودوا المرح من جديد بعد أن تتلاشى أصواتها ، وعند دقات الساعة الثانية عشرة ، لاحظ الجميع وجود مقنع بينهم بهيئة غريبة ، وكان مظهر ذلك المقنع أكثر رعبًا من كل المظاهر التي وضعها الأمير بالحفلة ، وقد أفزع مظهره الموجودون بالحفل .فقد كان طويل القامة هزيلًا ، يرتدي زيا يوحي بالوقار ولكنه ملطخ بالدماء ، أما القناع الذي أخفى به وجهه فيشبه ملامح الميت المتشنج العضلات ، حين رأه الجميع تذكروا جميعًا الموت الأحمر ، وحين رأى الأمير ذلك المقنع أصابه الفزع ، ولكنه صاح في الحاشية ، من هذا الذي تجرأ واقتحم حفلي ، أمسكوه وانزعوا القناع عن وجهه .وكان الأمير يقف بالغرفة الزرقاء لكن صداها قد دوى بجميع الغرف السبعة ، لم يكترث الدخيل لتلك الصرخات وسار بخطى واثقة حتى وصل إلى الغرفة السوداء ، ووقف بجوار الساعة الأبنوسية ، غضب الأمير ، وتبعه حتى الغرفة ، وهناك حاول طعن الدخيل بخنجره ، لكنه حين رآه سقط على الأرض ميتًا .حين رأى الجميع مصرع أميرهم اتجهوا للدخيل ونزعوا قناعه ، فرأوا أن وجهه ميتًا يشبه القناع ، وملابسه ما هي إلا كفنا ، وهناك عرفوا أنهم أمامه الموت الأحمر بنفسه ، والذي حصد أرواحهم جميعًا ، ثم توقفت دقات الساعة مع أخر نفس أزهقت .