جلست إلى الطاولة في غرفة نومها ، وجريدة مفتوحة أمامها ، ولم تكن تتوقف إلا لتنظر من خلال النافذة إلى الثلج الذي كان يتساقط ويذوب على الأسطح حال سقوطه ، كتبت هذه الرسالة ، وكتبتها باطراد وبلا حاجة إلى شطب أو اعادة كتابة أي شيء .نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الأميركي ، للكاتب والأديب ايرنست همنجواي ، ولد في 21يوليو عام 1899م ، في أوك بارك – إلينوي – الولايات المتحدة عاش همنجواي في باريس ، كعبة أدباء وفنانين العالم بشكل عام ، وأدباء وفناني أمريكا بوجه خاص ، أصدر له أول كتاب في عام 1922م بعنوان ثلاث قصص وعشر قصائد ، ثم أتبعها بمجموعة من الروايات ومنها : في زماننا ، دفقات ربيع ، الرجل العجوز والبحر ، وقد منح جائزة نوبل للآداب عام 1954م .الخطاب :
عزيزي الطبيب : هل تسمح لي بالكتابة إليك طالبة تقديم نصيحة مهمة جدًا ، فلدي قرار لابد أن أتخذه ، ولا أعرف الشخص الذي يمكنني الثقة به أكثر من غيره ، كما أنني لا أجرؤ على سؤال والدي ، ولهذا لجأت إليك ، ولأنني لا أحتاج إلى رؤيتك ، فإنني أستطيع وضع ثقتي فيك .والآن ها هو وضعي ، تزوجت شخصًا في خدمة الولايات المتحدة في 1929م ، وقد أرسل إلى الصين في السنة نفسها إلى شنغهاي ، وقد أمضى فيها ثلاث سنوات ، ثم عاد إلى الوطن ، فقد سرح من الخدمة قبل بضعة شهور ، وذهب إلى بيت في هيلينا في آركانساس ، وقد كتب إليّ لأعود إلى البيت ، فذهبت ، ووجدت بأنه يتعاطى حقنًا ، وكان من الطبيعي أن أسأله عن السبب ، فوجدت أنه يعالج من مرض لا أعرف كيف أتهجأ كلمته ، ولكنها تبدو وكأنها هذه الكلمة ، الزهري .المرض :
أتعرف ما أعني ، والآن ، أخبرني : هل سيكون من المأمون أن أعيش معه ثانية ، إنني لم أتصل به في أي وقت من الأوقات منذ أن عاد من الصين ، لقد أكد لي أنه سيصبح بخير ، بعد أن ينتهي الطبيب منه ، هل ترى بأن هذا صحيح ، كثيرًا ما سمعت والدي يردد بأن الشخص الذي يقع ضحية لهذا المرض ، يتمنى أن يموت ، إنني أصدق والدي ، لكنني أريد أن أصدق زوجي أكثر .رجاء أيها الطبيب :
أرجوك ، أرجوك أن تخبرني ، ماذا أفعل ، إن لي ابنة ولدت بينما كان والدها في الصين ، وأنا أشكرك وأثق بنصيحتك ، ثقة كاملة فأنا … ثم وقعت باسمها ، وقالت في نفسها : ربما يستطيع أن يخبرني ، بما يمكنني أن فعله ، ربما يستطيع إخباري فصورته المنشورة في الجريدة توحي بأنه سيفعل هذا ، يبدو أنه ذكي جدًا ، حقًا ، ففي كل يوم يشير إلى شخص بما سيفعله ، لابد أنه يعرف ، أريد أن أفعل كل ما هو صحيح ، لقد انقضى وقت طويل ، إنه لوقت طويل ، وكان وقتًا طويلاً .رجاء يا إلهي :
لقد كان وقتً طويلاً يا ربي ، كان لابد أن يذهب إلى حيثما يرسلونه ، أنا أعرف هذا ، لكنني لا أعرف ، لماذا كان لابد أن يصاب به ، لكنني أدعوك يا ربي ، لو أنه لم يكن قد أصيب به ، لا يهمني ما فعله وأدى إلى أن يصاب به ، لا أدري ما أفعله ، أدعو ربي ألا يصاب بأي نوع من الأمراض ، أنا لا أعرف لماذا كان لابد أن يصاب بأي مرض !!