ليل ساج وسماء زرقاء داكنة تغمرها سحائب عائمة بسكون ، وتبدو بيضاء في كل مكان ، ولازوردية بالقرب من البدر العالي ، وحين يطالعها المرء مليًا ، يتراءى له وكأن ما يعوم ليس السحائب ، بل البدر يعوم ، وتنهمر بالقرب منه ، وسوية معه ، الدموع الذهبية لنجمة ، القمر يمضي بانسياب نحو الأعالي التي لا قرار لها ، ويحمل معه النجمة أعلى وأعلى .نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الروسي ، للكاتب ايفان الكسييفيتشى بونين ، ولد ايفان في 22 أكتوبر عام1870م، بمدينة فورونيج لأسرة من النبلاء ، ألف روايتين قصيرتين : القرية ، والوادي القاحل ، وكذلك المقالات الأدبية ، ظل الطير ، المستوحاة من رحلاته إلى الشرق الأوسط ..ترقب السماء :
كانت تجلس جانبًا على رف النافذة المفتوحة ، وتتطلع إلى أعلى مائلة الرأس ، لقد أصابها دوار خفيف بسبب حركة السماء ، بينما كان هو يقف عند ركبتيها ، أي لون هذا ؟ لا استطيع الجزم ؟ وأنت ، توليا ..هل تستطيع القول ؟.. لون أي شيء ، يا كيسا ؟ لا تدعوني هكذا ، لقد كررت لك هذا ألف مرة سمعًا وطاعة ، كسينيا اندرييفنا ، إنني أتحدث عن هذه السماء وسط الغيوم ، أي لون ! رهيب وساحر! إنه سماوي حقًا ، فلا توجد ألوان كهذه على الأرض ، وكأنه الزمرد .زمرد :
ما دام في السماء فمن الطبيعي أن يكون سماويًا ، ولكن لم زمرد ؟ وما هو الزمرد ؟ إنني لم أراه في حياتي أبدًا ، مجرد أن هذه الكلمة تعجبك نعم ،لكن لا أدري لربما ليس زمردًا بل ياقوت بيد انه بشكل لا يوجد حقًا ، إلا في الجنة ، وحين تنظر إلى هذا كله كيف لا تصدق بوجود الجنة ، والملائكة ، وعرش الرب واجاص ذهبي يتدلى من صفصافة يا لك من فاسد ، ياتوليا ماريا سيرغييفنا ، على حق حين تقول أن أسوأ فتاة أفضل من أي شاب .قرب ومزاح :
إن صوتها صوت الحقيقة ، يا قطتي .. كان فستانها من الشيت المنقط ، ومداسها رخيصان ، وسمانتا رجليها وركبتاها مكتنزة فتية ، ورأسها المدور الذي تطوقه ضفيرة صغيرة ، ملقى إلى الوراء بصورة فتانة ، ووضع يده على ركبتها واحتضنها باليد الأخرى ، ولثم شفتيها المنفرجتين بشبه مزاح ، وتملصت منه بهدوء ، وأبعدت يده عن ركبتها ، ما هذا ؟ هل زعلنا ؟ضغطت على اطار النافذة ورآها تحبس دموعها ، وهي تعض على شفتيها ، ما القضية ؟.. آه دعني وشأني ، ماذا حدث ؟ وهمست تقول: لاشيء ، وهبطت من النافذة انطلقت هاربة ، وهز كتفيه وقال : يا لها من حمقاء لحد القداسة !