دخل الغرفة ليغلق النوافذ بينما كنا لانزال في السرير ، فلاحظت بأنه كان يبدو مريضًا ، كان يرتعش ووجهه أبيض ويمشي ببطء كأن الحركة تؤلمه .نبذة عن المؤلف :
قصة من رائع الأدب الأميركي ، للكاتب الأديب ايرنست همنجواي ، ولد في 21يوليو عام 1899م ، في أوك بارك – إلينوي – الولايات المتحدة ، بدأ الكتابه حينما كان في المدرسة الثانوية عام 1917م ، وبعد أن ترك المدرسة ، شغل منصب مندوب في نجمة مدينة كنساس ، تطوع في الجيش في الحرب العالمية الأولى ، أصدر له أول كتاب في عام 1922م بعنوان ثلاث قصص وعشر قصائد ، وقد مُنح جائزة نوبل للآداب عام 1954م ، توفي منتحرًا بطلق ناري ، في منزله في آيداهو ، في 2 يوليو عام 1961م .مرض شاتز :
ماذا بك يا شاتز ؟ أجاب : عندي صداع ، قال له : يحسن أن تعود إلى السرير ، أجاب : لا أنا بخير ، قال له : امضي إلى السرير سأراك بعد أن أرتدي ملابسي ، لكني حين هبطت إلى الطابق السفلي رأيته مرتديًا ملابسه وجالسًا قرب النار ، وهو يبدو ولدًا في التاسعة مريضًا جدًا وبائسًا جدًا عندما وضعت يدي على جبهته ، عرفت بأنه مصاب بالحمى ، قلت : اصعد .. وأمض إلى السرير أنت مريض ، قال : أنا بصحة جيدة حين حضر الطبيب ، قاس درجة حرارة الولد سألت : كم هي ، أجاب : مائة ودرجتان! ..تشخيص الطبيب للمرض :
في الطابق السفلي ، ترك الطبيب ثلاثة أنواع مختلفة من الدواء بثلاث كبسولات مختلفة الألوان مع تعليمات عن استعمالها ، كان أحدها لخفض درجة الحرارة والآخر مسهلا والثالث للتغلب على الحموضة .وقال موضحًا : إن جراثيم الانفلونزا عيش فقط في ظروف حامضية ، بدا أنه يعرف كل شيء عن الانفلونزا ، وقال بأنه ليس هناك موجب للقلق إذا لم تتجاوز درجة حرارة الحمى مائة وأربع درجات ، كانت هذه حالة انفلونزا وبائية ولم يكن هناك أي خطر إن لم يصب المريض بذات الرئة ، وفي الغرفة ، سجّلت درجة حرارة الولد ودوّنت ملاحظة عن الوقت المحدد لا عطاء الكبسولات المختلفة .انتظار ونظرة غريبة جدًا :
قلت له : أتريدني أن أقرأ لك ؟ قال الولد: حسنا إذا أردت كانوا جهة أبيض تمامًا ، كما كانت تحت عينيه بقع سوداء ، كان يستلقي في السرير ساكنًا ، ويبدو ذاهلاً عن كل ما يجري حوله ، قرأت بصوت عالٍ عن كل ما يجري حوله ، قرأت بصوت عالٍ عن كتاب هوارد بايل ، كتاب القراصنة ، لكنني لاحظت أنه لم يكن يتابع ما كنت أقرأه عليه سألته : كيف حالك يا شاتز ؟ تمامًا كما في السابق إلى حد الآن .جلست على أسفل السرير وقرأت لنفسي برهة ، بينما كنت أنتظر الوقت المحدد لإعطائه الكبسولة الأخرى ، كان من الطبيعي أن ينام ، لكننى لاحظت حين رفعت نظري إليه ، بأنه كان ينظر إلى أسفل السرير ، كان ينظر نظرة غريبة جدًا !!قلت له : لم لا تحاول أن تنام ، سوف أوقظك لتناول الدواء …أجاب : أفضل البقاء مستيقظًا ، ثم أجاب بعد برهة قائلاً : لست مضطرًا للبقاء معي هنا يا بابا إن كان هذا يزعجك ؟ أجبت : لا يزعجني فقال : لا أعني أنك لست مضطرًا للبقاء هنا إن كان هذا سيزعجك !! فكرت بأنه كان يهذي وخرجت لبرهة ، بعد أن أعطيته الدواء المحدد في الساعة الحادية عشرة .يوم صيفي بارد :
كان يومًا صيفيًا باردًا ، وكانت الأرض قد غطيت بجليد المطر ، الذي كان قد تجمد على نحو بدت فيه الأشجار العارية والشجيرات والأغصان المقطوعة ، وكل أعشاب الأرض الجرداء مطلية بالثلج ، أخذت كلب الصيد الايرلندي الصغير للقيام بنزهة قصيرة على الطريق وعلى جدول متجمد ، لكن كان من الصعب الوقوف أو المشي على السطح الزجاجي ، فزل الكلب الأحمر وانزلق وسقطت أنا مرتين بقرة ، كما سقطت مني بندقيتي في أحدى المرات وانزلقت مبتعدة فوق الجليد .عملية صيد صعبة :
طيرنا سربًا صغيرًا من طيور السمان ، تحت منحدر مرتفع بأغصان متدلية ، وقتلت اثنين منها حين توارت عن الأنظار فوق قمة المنحدر ، حطّت بعض طيور السرب على الأشجار ، لكن أغلبها تفرق في كومات من الأغصان المقطوعة .وكان لابد أن تقفز على تلال الأغصان المغطاة بالثلج عدة مرات قبل أن تطير ، وكان خروجها من أماكنها بينما أنت توازن نفسك على نحو مقلقل على الأغصان اللّينة المغطاة بالثلج يجعل إطلاق النار صعبًا ، فقتلت اثنين وأخطأت خمسة ، ثم انطلقت عائدًا إلى البيت وأنا أشعر بالسرور لاكتشافي سرب الطيور القريب من البيت وأشعر بالسعادة لبقاء الكثير منها ليوم آخر .العودة إلى البيت ولقاء المريض :
أخبروني في البيت بأن الولد رفض السماح لأي شخص يدخل غرفته ، قال : لا يمكن الدخول يجب ألا تصاب بما أصبت به .. صعدت إليه ووجدته على نفس الحال الذي تركته عليه ، أبيض الوجه ولكن قمتي خديه متوردتان بالحمى ولايزال يحدق ، كما كان يحدق في السابق ، في أسفل السرير ، أخذت درجة حرارته … كم هي ؟قلت : بحدود المائة درجة كانت مائة ودرجتان وأربعة عشرا قال : مائة ودرجتان قلت له : من قال هذا ؟ أجاب : الطبيب .. قلت له : إن درجة حرارتك عادية لا تدعو للقلق ، قال : لست قلقًا ، لكنني لا أستطيع الكف عن التفكير قلت له : لا تفكر وخذ الأمور ببساطة ..نظر إلى الأمام مباشرة ، كان من الواضح أنه يخفي في نفسه شيئًا ، وبكتمان شديد ، قلت له : خذ هذه مع الماء ، أجاب : أتظن أنها ستفيدني ، قلت له : نعم ستفيدك جلست وفتحت كتاب القراصنة وبدأت القراءة ، لكنني لاحظت أنه لم يتابع ما أقرأه ، لذلك توقفت عن القراءة .الموت :
سأل : أي وقت ترى بأنني سأموت ؟ قلت : ماذا !! فأجاب : كم سأستغرق من الوقت قبل أن أموت ؟ قلت له : لن تموت ، ماذا بك !! .. أجاب : نعم سأموت ، سمعته يقول مائة ودرجتان ..أجبته : لن يموت انسان من حمي بدرجة مائة ودرجتان ، تلك طريقة سخيفة للكلام ، قال : أعرف أنهم يموتون ، لقد أخبرني الأولاد في المدرسة في فرنسا بأنه لا يمكنك أن تعيش بدرجة حرارة تصل إلى أربعة وأربعين ، لقد وصلت إلى مائة ودرجتان .انتظار يوم واحد :
كان ينتظر أن يموت منذ الساعة التاسعة صباحًا ، قلت له : يا شاتز المسكين ، يا شاتز العجوز ، إنها كالأميال والكيلومترات ، لن تموت ، إنه ميزان حرارة مختلف ، إن سبعًا وثلاثين درجة في ذلك الميزان هي درجة الحرارة الطبيعية ، أما في هذا النوع فهي ثماني وتسعون .تابعت قائلاً : إنه تمامًا كالأميال ، والكيلومترات ، أنت تعرف ، مثل كم كيلو مترًا نقطعها حين نقطع سبعين ميلاً في السيارة ؟قال : أووه .. لكن تحديقته أسفل السرير تراخت ، كما خف توتره ، ثم خفّت الحمى ، وأخيرا في اليوم التالي ، أخذ يصيح بسهولة لأسباب صغيرة لم تكن ذات بال .!