تزوج موظف في ديوان الحكومة ، وهو أرمل كهل ، من حسناء شابة ابنة قائد عسكري ، كان صموتًا ومتواضعًا ، بينما كانت تعرف حق قدرها .نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الروسي ، للكاتب الروسي الشهير ايفان الكسييفيتش بونين ، ولد ايفان بولين في 10 أكتوبر عام 1870م ، في مدينة فورونيج ، تواصلت ابداعاته على نحو يربو من ستين عام ، عاصر حربين عالميتين وثلاث ثورات روسية ، لم تكن حياته بسيطة ، بل عرف المرض وسنوات العوز الطويلة ، من أشهر ابداعاته : في القرية ، تفاحات انطونوفكا ، الوادي القاحل ، ظل الطير ، الأشقاء ، سيد من سان فرانسيسكو ، نال جائزة نوبل في الأدب عام 1933م ، وتوفي في 8 نوفمبر عام 1953م ، إثر نوبة قلبية في باريس .موظف الديوان الحكومي :
وكان نحيفًا طويل القامة توحي هيئته بأنه مسلول ، ويضع على عينيه نظارات بلون صبغة اليود ، ويتحدث بصوت أبح نوعًا ما ، وان أراد قول شيء ما بصوت عالي يأخذ بالصأصأة .الزوجة الحسناء :
أما هي فكانت قصيرة القامة ، رشيقة ومتينة البنيان ، أنيقة الهندام دائمًا ، شديدة العناية ماهرة في تدبير شئون المنزل ، وذات نظرة ثاقبة ، وبدا غير جذّاب للغاية من كافة النواحي ، مثل غالبية موظفي المحافظات ، إلا أنه تزوج في المرة الأولى حسناء أيضًا ، وكان الجميع يعجبون فحسب : لأي شيء ، ولمَ تتزوجه نساء كهذه ؟ابن الزوجة الأولى وعلاقته بالحسناء :
وإذا بالحسناء الثانية تكره ، ببرود ، صبيه من زوجته الأولى الذي بلغ السابعة من العمر ، وتظاهرت بأنها لا تراه البتة ، وآنذاك صار الأب أيضًا ، خوفًا منها ، يتظاهر كما لو لم يكن لديه ابن ابدًا ، وأخذ الصبي ، المفعم حيوية بطبيعته ، والبشوش ، يخاف قول كلمة بحضورهما ، ثم انكمش تمامًا ، وأصبح كمن لم يكن له وجود بالبيت !غرفة صغيرة ونوم مضطرب :
وبعد الزفاف فورًا ، تم نقله للرقاد من غرفة نوم أبيه ، إلى ديوان صغير في غرفة الاستقبال ، وهي غرفة صغيرة تقع بالقرب من غرفة الطعام ويزينها أثاث من القطيفة الزرقاء ، بيد أن نومه كان مضطربًا وفي كل ليلة يسقط الشرشف واللحاف على الأرض ، وسرعان ما قالت الحسناء للوصية : يا للبشاعة !! إنه سيحك القطيفة كلها على الديوان ، افرشي له يا سانتيا على الأرض ، على تلك الحشية التي أمرتك بإخفائها في الصندوق الكبير في الدهاليز .حياة الصبي بعد زواج أبيه :
وصار الصبي في وحدته الكاملة في الدنيا ، قاطبة يحيا حياة مستقلة تمامًا ، منعزلة ، غير ملحوظة ، ومتشابهة ورتيبة من يوم إلى آخر : فكان يجلس في ركن غرفة الاستقبال ، ويرسم البيوت على لوحة الاردواز أو يقرأ هامسًا مع التهجي الكتاب ذا الصور ذاته ، الذي اشترى له في حياة أمه المرحومة ، ويحدق في النوافذ ..الصندوق الكبير والدهليز :
ينام على الأرض بين الديوان والبرميل الذي تنمو فيه نخلة ، ويفرش الفراش لنفسه في المساء ، ويجمعه ويلفه بنفسه في الصباح ، ويحمله في صندوق أمه في الدهليز ، وتحفظ هناك جميع حاجياته الأخرى .