“إن بطل من هذا الزمان لهو صورة حقًا ، ولكنه ليس صورة رجل واحد ، إنه صورة تضم رذائل جيلنا كله” ، هكذا قال ليرمنتوف عن روايته بطل من هذا الزمان Hero of Hour Times ، والتي تعد أول رواية غنائية – نفسية في النثر الروسي ، كتبها ميخائيل يوريفتش ليرمنتوف في ١٨٣٨-١٨٤٠م .وقد نشرت الرواية لأول مرة في سانت بطسبرغ في مطبعة إيليا جلازونوف وكاي عام 1840م في كتابين ، والرواية مقسمة لفصول على الشكل التالي ، بيلا ، مكسيم مكسيمتش ، تامان ، الأميرة ماري ، والجبري ، وهو تقسيم أراد منه الكاتب أن يبرز شخصية البطل بيتشورين من وجهة نظر أفرادها ، بالإضافة لمذكرات بيتشورين نفسه .نبذة عن الكاتب :
هو ميخائيل ليرمنتوف Mikhail Lermontov واحد من أهم الكتاب والشعراء الروس بعد بوشكين ، كان يلقب بشاعر القوقاز لكنه لم يعش طويلًا فقد مات قبل أن يقرب الثلاثين ، وتعد روايته بطل من هذا الزمان واحدة من روائع الأدب العالم حيث تم ترجمتها للعديد من اللغات ، حيث صور فيها ليرمنتوف حالة جيله الذي ترعرع في عهد القيصر نيقولاي الأول في روسيا .قصة الرواية :
تدور أحداث الرواية حول بتشورين الضابط الروسي الذي يعمل بجيوش القوقاز ، وهو شخص عالي الثقافة واسع الذكاء لكنه رغم ذلك ، لا يعرف سعادة الحب والصداقة فهو يعيش تحت وطأة الشكوك والضجر ، ولعل حاله كان يشبه الكثيرين من الذين عاشوا في عصر الضياع القاسي ، بعد قمع النظام القيصري لانتفاضة الثوار النبلاء في ديسمبر 1825م .وقد كتب ليرمنتوف الرواية من منظور راويين تقابلا مع بيتشورين وتكلما عنه ، بالإضافة لمذكرات بيتشورين نفسه التي كشفت البعد الفلسفي العميق في شخصيته ، وهي طريقة لم يعهدها الأدباء والقراء في عصره في السرد ، ففي القصص الخمس لدينا نفس البطل ، لكنه مرة يكون الرواي ومرة يكون ميتًا ومرة أخرى نجد أن هناك من يروي عنه أو يقرأ في مذكراته وهذا التداخل أعطى سحرًا وغرابة للرواية .في القصة الأولى نجد المؤلف يروي قصة عشق بتشورين لبيلا ابنة أمير التتار، التي يتخلى عنها بكل نذالة بعد أن يغتصبها ، وبعد ذلك يأتي شخص آخر لكنه تتري ويغتصبها من جديد ثم يقتلها ، بعدها يأتي القسم الثاني من الرواية ويظهر فيه مكسيم مكسيموفتش الضابط الروسي العجوز ، الذي عاش فترة طويلة بمنطقة في القوقاز، وهناك تعرف على بتشورين وحكايته مع بيلا .وتظهر هنا قيم مكسيموفتش النبيلة في مواجهة قيم النذالة لدى بتشورين K القصة الثالثة لتامان وهي فتاة حسناء تعمل قاطعة طرقات ، ولكن بتشورين يتمكن من كشفها إلا أن الفتاة تخدعه وتقتله ثم ترمي به في البحر ، والعجيب أن تلك القصة لا نعرفها إلا من خلال التنقيب في مذكرات بتشورين .كما تظهر لنا من خلال تلك الأوراق القصة الرابعة وهي حكاية الأميرة ماري ، وعشق بتشورين المزدوج لها ، أما في القصة الخامسة كانت الأحداث وعظية ، فيبدو أن ليرمنتوف كان يود أن يقول لنا من خلاله أن الإنسان ليس في نهاية الأمر متحكمًا بمصيره ، بل إنه ضحية للأقدار التي تسيّره على هواها ، وكأنه أراد بذلك أن يبرر أفعال بطل الرواية .فقد كان بيتشورين يتألم قديمًا حينما يفكر بالعبودية التي يعيشها ملايين الناس في عصره ، لكنه مع مرور السنوات دفن مشاعره السامية وتعلم أن يواجه الألأم بلا مبالاة ، ولا يهتم بما يشعر به الآخرين ، وهو بهذا كان ضحية للمجتمع والقدر قبل أن يوقع هو نفسه بضحاياه ، وهنا تكمن قوة رواية بطل من هذا الزمان .