هي قصة من القصص الذي يجعلك فور سماعه ، تطلق كلمة سبحان الله بكل عفوية ، وتعجب ، فسبحان من هدى القوم الظالمين على يد البسطاء من الناس ، فالرسول صل الله عليه وسلم كان أميا لا يقرأ ، وهدى به الله أمة كاملة ، يمتد سلسالها حتى قيام الساعة.وفي قصتنا هدى الله طفلا يهوديا على يد تاجر بسيط يدعي العم إبراهيم ؛ ليصبح أكبر داعية إسلامي ، ويتسبب في إسلام الملايين ، إنه الشيخ جاد القرآني كما سمى نفسه ، نسبة لكتاب الله عز وجل.جاد يسرق ، وعم إبراهيم يصمت :
لم يكن الطفل اليهودي جاد ذو السبعة أعوام يعلم ما يخبأه القدر له ، على يد البقال المسلم القاطن أسفل منزلهم بإحدى عمارات فرنسا ، ففي كل يوم كانت والدته ترسله ليشتري لها البقالة من دكان العم جاد ، كان يمد يده في الخفاء ، ويسرق قطعة من الشيكولاته ، وهكذا استمر الحال بجاد ، أيام وشهور ، يشتري البقالة ، ولا ينسى أن يسرق قطعة الشيكولاتة المحببة.وفي يوم من الأيام اشترى جاد البقالة ، ونسى أن يسرق قطعة الشيكولاته ، فاستوقفه العم إبراهيم قائلًا : يا جاد ، نسيت أن تسرق الشيكولاته ، فشعر الطفل بالخجل ، وسأل بتعجب هل كنت تراني ، وأنا أسرقها يا عم جاد .فأجابه عم جاد المسلم من أصل تركي : نعم يا جاد ، وأريد منك أن تعدني ألا تسرق شيئًا بعد الآن من عندي ، أو من عند غيري ، وسأعطيك أنا كل يوم قطعة الشيكولاتة التي تحبها هدية لك.وعد جاد للعم إبراهيم ، وكتابه الغامض :
فوعد الطفل جاد العم إبراهيم بذلك ، ووفي بوعده فعلًا ، ففي كل يوم يأتي جاد لشراء البقالة ، يأخذ قطعة الشيكولاته من عم إبراهيم ، وتطورت العلاقة بين الطفل جاد ، والعم الطيب ، وأصبحوا أصدقاء حتى كبر جاد ، وصار شابًا يافعًا ، وكبر معه عم إبراهيم ، وصار كهلًا.وخلال فترة معرفتهم ، كانوا يتحدثون سويًا في كل الأمور ، وحينما كان يتعرض جاد للمشاكل ، كان يجري على العم الطيب لمساعدته في حلها ، وكان العم إبراهيم يخرج حينها صندوقًا خشبيًا ، ويخرج منه كتابا قيما ، ويعطيه لجاد يفتحهبعدها يأخذه منه ويقرأ الصفحتين التي فتح عليهما جاد ، وبعدها يعيده إلى الصندوق برفق ، ويفكر مع جاد في حل المشكلة ، ودائمًا ما كانوا يصلون للحل الصواب ، وهكذا كانت تحل مشاكل جاد دائمًا .وفاة عم إبراهيم تفتح الطريق للإسلام :
مرت الأيام والأعوام ، ومات العم إبراهيم ، وقبل أن يموت أوصى أولاده بإعطاء جاد ذلك الصندوق الذي كان ملازمًا له ، وبالفعل توجه الأبناء إلى الشاب اليهودي ، وأخبروه بخبر الوفاة ، وأعطوه الصندوق .كانت وفاة العم إبراهيم صدمة كبيرة ، لم يستطع تحملها جاد ، فصار هائمًا على وجه ، وأخذ يبكي على فراق صديق طفولته ، ونسى أمر الصندوق تمامًا ، وبعدها بعدة أشهر تعرض جاد لمشكلة كبيرة ، فأخذ يفكر في العم إبراهيم ، وكيف كان سيساعده فى حل تلك المشكلة إن كان حيا .جاد يعرف كتاب الله:
وفي غمرة تفكيره ، تذكر صندوق العم إبراهيم ، وعلى الفور أخرج الصندوق ، وأخذ الكتاب وفتحه ، فوقعت عينيه على القرآن الكريم ، وهو لا يجيد العربية ، فذهب لصديقه التونسي ، وطلب منه أن يقرأه له ، وبالفعل بعد قراءة الصفحتين ، وجد جاد حلًا لمشكلتهفسأل صديقه عن هذا الكتاب ، وماهيته ، فأخبره أنه القرآن الكريم ، كتاب المسلمين ، ورسالة الله إلى عباده ، وعلم منه الكثير عن أمور الدين ، والصلاة ، ونطق الشهادة ، وأسلم جاد ، أسلم حينما أدرك أن كلمة السر لم تكن العم إبراهيم ، وإنما كتاب الله عزوجل .الدكتور جاد من طفل يهودي إلى داعية اسلامي كبير:
وتعمق في قراءة القرآن وفهمه وتفسيره ، وغير اسمه إلى الدكتور جاد الله القرآني ، وأسلم على يديه أكثر من ستة ألاف يهودي ومسيحي ، ولم يقف به الأمر عند هذا الحد ، بل سافر إلى أفريقيا حيث القبائل التي لا تعلم عن الدين شيئًا ، وبقى فيها عشرة أعوام .قرر فيهم أن يحمل كلمة الله في صدره ، ويطوف بها في بلاد الجهل ، لكي ينير دروبها ، وأسلم على يده أكثر من ستة ملايين شخص من قبائل الزولو الأفريقية .وفاة الدكتور جاد الله القرآني ، وإسلام والدته :
وتوفي الداعية الإسلامي العظيم في عام 2003م ، بعد إصابته بالأمراض المنتشرة في قارة أفريقيا ، والتي قال أن سبب ذهابه إليها هو رغبة العم إبراهيم ، فقد وجد في مقدمة المصحف الذي أهداه إياه ، رسمه بخط اليد لقارة أفريقيا ، وكتب تحتها ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبجوارها توقيع العم إبراهيم .فشعر أنه رسالة من العم إبراهيم إليه ، وأراد أن يرد جميله ، لأنه ربطه بالقرآن دون أن يدري ، دون أن يقول له أنت كافر ، وسيعذبك الله ، فقط أنار له الطريق ، وصار فيه جاد ، صار حتى وصل ، ومات عن عمر لا يناهز الـ55 عامًا ، تاركا أمة بأكملها أسلمت على يده .وكانت أخرهم والدته دكتورة ماريا أستاذة علم الاجتماع بالجامعة ، والتي ظلت طوال عمرها في صراع مع عم ابراهيم ، والقرآن الكريم تحاول هزمه ، فيهزمها ، أسلمت وهي تحاول رد ابنها لليهودية ، ولكنه ظل يردد الشهادة وهو مبتسم ، ويدعوها للإسلام واللحاق به في الجنه.وظل هكذا حتى أسلم روحه لرب العالمين ، وهنا أدركت الأم أن القرآن ملك وتملك فؤاد ابنها ، وقرأت القرآن بعد وفاته ؛ فتملك فؤادها هي الأخرى ، وأسلمت لتزداد الأمة الإسلامية بعبادها المخلصين ، رحم الله رجلًا أضاء بالعلم قلوبًا مازالت تنبض بالإيمان حتى قيام الساعة.