أدام الله نسل الأمراء وزاد في سلالتهم ، فأمراء مملكتنا الحبيبة لم تنم أعينهم عن أوجه التقصير ومساوئ الأمور ، وعلى رأسهم الأمير عبدالله جلوي رفيق المؤسس الذي اتسم باليقظة والصرامة في تطبيق الأمن ، ومطاردة قطاع الطرق والخارجين عن القانون .وقد شهد الأمير عبدالله توحيد المملكة على يد المؤسس ، وصحبه أثناء دخوله مدينة الرياض وشارك معه في العديد من المعارك والبطولات التي أشاد بها المؤرخون ، وعلى الرغم من أنه كان يكبر المؤسس سنًا ، إلا أنه كان رفيق الدرب وصديق الصغر ، وظل إلى جواره إلى أن توفاه الله.النشأة والميلاد :
ولد الأمير عبدالله بن جلوي بن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام 1287هـ ، وتعلم بكتاتيب الرياض ، إلى أن اضطر للسفر مع عمه الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي حين خروجه من الرياض واستقراره بالكويت ، وجاء لقب جلوي إبان فترة جلوة جده الإمام تركي بن عبدالله ، ويقصد بها خروجه من المدينة ، وهو الاسم الذي أطلقه الإمام على ولده والد الأمير عبدالله.استعادة الرياض :
صحب الأمير عبدالله بن جلوي الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه أثناء قدومه لاستعادة الرياض ، فقد كان من بين ستين رجل سار بهم المؤسس نحو الرياض ، وواحد من السبعة الذين اقتحموا حصن المصمك ، ولهم من البطولات يومها الكثير والكثير فحينما أخطأت رصاصة الملك عبدالعزيز الأمير عجلان بن محمد أمير الرياض ، أصابته رصاصة الأمير عبدالله بن جلوي في مقتل ، وكان الملك عبدالعزيز في روايته لأحداث دخول الرياض قد فصّل في ما قام به أبناء عمه من أبناء وأحفاد الأمير جلوي بن تركي بن عبدالله حيث قال “ومشينا ونحن سبعة رجال أنا وعبدالعزيز بن جلوي وفهد وعبدالله بن جلوي” كما قال “ثم دخل عبدالله بن جلوي والنار تنصب عليه”.إمارة المناطق :
تولى الأمير عبدالله بن جلوي إمارة القصيم عام 1328هـ ، ثم تولى إمارة الإحساء والمنطقة الشرقية ، وكان رحمه الله صارمًا مهيبًا لا يخشى في الحق لومة لائٍم ، دافع عن إمارات المملكة بكل ما أوتيت نفسه من قوة وعمل على استتباب الأمن بها ، وقد تولى امارة المنطقة الشرقية قرابة ثلاثة وعشرون عاما من عام 1331هـ إلى عام 1354هـ حتى وفاته.قصر مزنة :
ومزنة هي خالة الأمير رحمه الله وزوجة أبيه وأخته لأمه الأميرة رقية بنت منصور المطرودي ، وقد تزوجها والده بعد وفاة شقيقتها مزنة التي ضرب بها المثل في الشجاعة والإقدام ، فهي وحدها استطاعت استعادة ماشية أهالي قرية العوشزية بعد حاول اللصوص وقطاع الطرق سرقتها في غياب رجال القرية ، وفيها ضرب المثل القائل : الله يرحم مزنة .وقد كان القصر مقرًا لأمراء العوشزية السابقين ومنهم الشيخ علي المحمد المطرودي ، والذي استقبل فيه الرحالة اللبناني أمين الريحاني عام 1341هـ عندما زار المملكة ، وكذلك الرحالة الفرنسي شارل هوبر الذي زار العوشزية عام 1297هـ.ويتميز القصر بكبر الحجم واتساعه ، ويعود تاريخ إنشائه إلى حدود عام 1250هـ ، والقصر يتكون من دورين ، وهو من قصور الطين التي تهدمت بفعل الأمطار ، ولكن معالمه الأساسية ومعظم جدرانه مازالت بحالة جيدة .كما أنه يطل على مزارع النخيل المثمرة التي تنتج مختلف أنواع التمور ، ولعل هذا ما جعل لجنة تطوير مركز العوشزية تستغل وجود هذا الكنز التراثي بالقرية ، وتقوم بإعادة بنائه وتحويله إلى متحف يسرد ويدون تاريخ القرية والمنطقة والقصر ، وذلك بجهود ودعم مالك القصر الشيخ ثامر بن علي المطرودي ومساعدة اللجنة بإذن الله.وفاته :
عاصر الأمير رحمه الله توحيد أركان المملكة تحت راية المؤسس ، وشهد تسميتها بالمملكة العربية السعودية عام 1351هـ ، وبعد توحيدها بثلاثة أعوام أي عام 1354هـ انتقل الأمير إلى الرفيق الأعلى عن عمر يناهز الرابعة والستين بعد بطولات جسدها الأمير ودونها التاريخ.