بالطبع نتعامل جميعًا مع شبكة الإنترنت يوميًا ، فلا أحد يستطيع الاستغناء عنه خاصة إذا كان مرتبطًا بعمله بشكلٍ كبير ، وبالتأكيد شاهد وتعامل الكثيرون مع ما يُعرف بتقنية الكابتشا أو الـ ReCAPTCHA ، تلك التقنية التي استطاع مخترعها من استخدام متصفحي الإنترنت فيما هو مفيد ، فمن هو مخترعها؟فون آن :
فون آن هو المدير التنفيذي لشركة Duolingo ، وهو أستاذ متخصص بعلوم الحاسب الآلي ، في جامعة كارينجي ميلون ، وكان فون منذ نعومة أظفاره تراوده العديد من الأفكار المهمة والتي يمكنها أن تغير العالم من حوله ؛ ففي الثانية عشرة من عمره فكر فون في استغلال النوادي الرياضية في توليد الطاقة الكهربائية .!كيف ؟ شرح فون أن الإنسان عندما يستخدم الأجهزة الرياضية فإنه يولد طاقة كهربائية لا بأس بها ، ويمكن تجميع كافة الأجهزة الرياضية المستخدمة بالولاية مثلاً وإيصالها بمحطة واحدة ، واستخدام تلك الطاقة المتولدة عن النشاط الرياضي في إنتاج الكهرباء مرة أخرى ، ولكن تلك الفكرة عندما تذكرها فون وهو في سن الرابعة والثلاثون ابتسم قائلاً أنها كانت فكرة غير جيدة ؛ نظرًا لأن الإنسان ليس جيدًا في إنتاج الطاقة ، بل هو مستهلك شره لها.لم تتوقف أحلام وأفكار فون آن ، فعلى مدار السنوات الثمان الماضية استطاع فون أن يؤسس مشروعين مهمين وقام ببيعهما لشركة جوجل الشهيرة ، بالإضافة إلى مشروعه الشهير الحالي والمعروف باسم Duolingo والذي يحمل اسم شركته الخاصة ، وهو عبارة عن برنامج لتعليم اللغات المختلفة بشكلٍ مجاني ، ويمكن للمستخدمين تحميله من مواقع شراء المنتجات الخاصة بأجهزة الأندرويد وأنظمة ال IOS أيضًا ، ونال فون جائزة العباقرة أو ما تعرف بمنحة ماك آرثر عام 2006م ، كمكافأة لهذا البرنامج.وقال فون بأنه يعمل وفق قاعدة أساسية مبدأها أن يتم ربط التكنولوجيا الحديثة ببعض المتعة البسيطة ، فهذا يعمل على استغلال الوقت والجهد بشكلٍ أمثل ، ولعل هذا المبدأ هو ما دفع فون لتحقيق أول إنجازاته عام 2004م ؛ عندما اخترع لعبة جديدة وأطلقها على شبكة الإنترنت ، وتقوم فكرتها على اختيار شخصين عشوائيًا على شبكة الإنترنت بحيث يتنافسا معًا دون أن يرى أحدهما الآخر .ثم تتطور اللعبة في كل مرحلة بحيث تبدأ في عرض صورة لكل منهما ويُطلب منهم التعرف على الصورة في كل مرة وكتابة محتواها ، بحيث يكون المحتوى مطابقًا لما تم عرضه ، دون أن يعرف كلا اللاعبين ما يكتبه الآخر ، وبالتالي يحصل كل لاعب على نقاط إثر تطابق الصورة مع تخمينه .بالطبع تلك اللعبة اعتبرها الكثيرون نشاطًا قاتلاً للوقت ، في حين كانت نظرة فون للعبته مختلفة كثيرًا ، فقد قام فون بنشر ورقة بحثية عام 2004م عقب انتشار لعبته ، وتحدث بأن هذه اللعبة تمكّن البشر من إثراء محتوى الإنترنت ، فإذا قام اللاعبون بالاستمرار في تداول تلك اللعبة والتدقيق في محتواها البسيط ، كما يحدث في التعامل مع الألعاب الشهيرة ، فإننا سنتمكن من تسمية كافة الصور الموجودة على محتوى الإنترنت في غضون عدة أشهر.وبالفعل أُطلق البرنامج تحت مسمى The ESP Game في عام 2005م ، وفي غضون أربعة أشهر تم تسمية ما يقدر بحوالي 300 ألف من الصور على شبكة الإنترنت ، وقد نشرت مجلة Wired تقريرًا بهذا الشأن عن اللعبة وما استطاعت أن تتوصل له بالفعل في عام 2007م ، تلك اللعبة التي حازت على إعجاب كل من سيرجي برين ولاري بيج بشركة جوجل الشهيرة ، حيث قامت جوجل بشراء اللعبة وأطلقت عليها اسم Google Image Labeler.أعقب هذا الانتشار ، المشروع الجديد لفون آن والمعروف باسم ReCAPTCHA ، والتي جاءت فكرتها عندما كان فون في مرحلة الإعداد لدرجة الدكتوراه بجامعة كارينجي ، وساعد أستاذه في هذا الوقت على تطوير تقنية إلكترونية تساعد في التحقق من هوية مدخل البيانات .والتعرف على ما إذا كان المستخدم برنامجًا إلكترونيًا أم شخص بشري بالفعل ؛ تلك التقنية التي عُرفت باسم CAPTCHA ، والتي تعتمد على التفكير في حروف كلمة ما وإعادة كتابتها مرة أخرى كما هي بشكلٍ صحيح ، وفي حال نجاحك يتم تسجيل بريدك الإلكتروني والتعامل التقني الناجح ، وكانت الفكرة منذ البداية تستهدف حماية غرف الدردشة الجماعية على الشبكة العنكبوتية وحمايتها من هجمات الهاكرز .بالطبع ، كانت نظرة فون آن للأمر مختلفة عن الجميع ، حيث أراد استغلال العشرة ثوان الواقعة بين كتابة الحروف والتعرف على البريد الإلكتروني ، فقام بعمل تقنية أحدث عرفت باسم ReCAPTCHA ، وتقوم فكرتها على عرض كلمتين للمستخدم بدلاً من واحدة ؛ وكانت فكرتها تقوم على أنها لا تتعرف فقط على كونك بشري وإنما تجعلك تتعرف على بعض الكلمات التي وردت بالنصوص القديمة أو الكتب التي لم تستطيع التكنولوجيا تحويلها إلى الشكل رقمي ، حيث تأتيك واحدة كاختبار أوتوماتيكي من النظام ، وتأتي الثانية كما شرحنا من مقال قديم ، وبمجرد الكتابة الصحيحة لهما يتم فتح الشبكة لك .وبحلول عام 2009م ، قام شركة جوجل بشراء فكرة ال ReCAPTCHA ، وذلك بمبلغ مالي لم يتم الإفصاح عنه ، ولكن أعلن فون أن عملية الشراء تمت بمبلغ مالي يقع بين عشرة ملايين إلى مائة مليون دولار ، وتم العمل بالتقنية الجديدة للعمل على مستوى واسع ؛ يتجه إلى تحويل محتويات Google Books ، وأعداد صحيفة النيويورك تايمز New York Times إلى محتويات رقمية ، وبالفعل نجحت التقنية بحلول عام 2012م في ترجمة 150 مليون كلمة ، لم يستطيع جوجل قراءتها من قبل.