لم تعد أدوار الشركات الاقتصادية الكبرى ، تنحصر في الدور الاقتصادي فقط ، بل الآن في الوقت الحالي ، صار هذا الدور ممتد حتى بالشئون السياسية ، خاصة الخارجية منها مع الدول المجاورة ، ولعل شركة إيني التي تعمل في مجال الطاقة ، قد صارت جزء لا يتجزأ وذراعًا أيمن للقوى السياسية الإيطالية ، الداخلية والخارجية .وإذا كانت موسكو على سبيل المثال ، تستغل قوة نفوذ شركتها النفطية روسنفت ، بشكل كبير ومتزايد خلال العقود الماضية ، مثلما سردنا من قبل ، فإن شركة إيني الإيطالية يمكننا القول ، أنها تتخذ نفس الطريق ، وبرز هذا الدور القوي لشركة إيني ، فيما ألقاه رئيس الوزراء ماتيو رينزي ، في تصريح عام له عام 2014م المنصرم ، بأن شركة إيني تمثل جزء جوهريًا في السياسة الإيطالية الخارجية ، إلى جانب سياستها الاستخباراتية أيضًا ، ذلك أن رئيس شركة إيني التنفيذي ، السيد كلاوديو ديسكالزي يعد أكثر شهرة ، بين دول العالم مقارنة بوزراء إيطاليا أنفسهم .هذا التصريح القوي بصدد شركة إيني ، من جانب رئيس الوزراء ، عكس الرابط القوي بين السياسة الإيطالية والشركة المذكورة ، ووفقًا لصحيفة النيويورك تايمز ، يعود النفوذ السياسي القوي لشركة إيني ، نظرًا لما حققته من استثمارات بالغة وضخمة للغاية ، بلغت أكثر من 58 مليار دولار ، في أكثر من 73 دولة على مستوى العالم كله ، وذلك على الرغم من ضعف إيطاليا كدولة أوروبية من جانب مجال الطاقة ، ولهذا تعززت أهمية شركة إيني في دولتها .ومن بين أبرز الأدوار التي قامت بها شركة إيني ، كان في مصر إبان فترة مقتل الطالب ريجيني ، الذي عثر عليه مقتولاً وملقى بمنطقة صحراوية ، مما عزز من الاعتقاد الدبلوماسي بشأن تداخل إيني ، مع الاستخبارات الإيطالية وهذا هو ما تحدث بشأنه ، الكاتب الإيطالي أندريا غريكو ، مؤلف كتاب الدولة الموازية ، حيث أكد أن لشركة إيني يدًا في توظيف الجواسيس الإيطاليين ، إلى جانب تعاونها الواضح في مقتل الطالب ريجيني ، وبعد أن انقطعت العلاقات بين مصر وإيطاليا ، ساعدت إيني في تعزيز العلاقات مؤخرًا مرة أخرى ، مما يعكس دورها السياسي الواضح في إيطاليا .إلى جانب كل ما سبق ، تتمتع إيني بنفوذ قوي في الشرق الأوسط ، مثلما فعلت روسنفت ، ذلك أن إيني تتواجد منذ أكثر من تسعين عامًا ، مما سمح لها ببناء جذور علاقات قوية ، في منطقة الشرق وعلى الرغم من ذلك ، فشركة إيني تواجه الكثير من المشاكل ، بسبب علاقاتها غير الشرعية مع مسؤلي بعض الدول .ذكرت وكالة رويترز ، مشكلة إيني في الجزائر على سبيل المثال ، حيث تورطت الشركة في دفع رشاوى لعدد من المسؤلين ، من أجل الفوز بعقود صورية للتنقيب بها ، حيث سددت الشركة وفقًا لرويترز ، أكثر من 197 مليون يورو ، لعدد من الوسطاء ، من أجل الفوز بتعاقدات بلغ مقدارها 8 مليار يورو ، وذلك بالاتفاق مع شركة سوناطراك الجزائرية .كذلك تم فتح التحقيقات مع إيني ، بشأن تلقي رشاوى في عدد من الدول ، مثل الكويت والعراق وليبيا وتونس كذلك ، لتنسحب الشركة من بعضها بعدما أثبتت العديد من التهم ضدها في دفع وتقاضي الرشاوى ، ليرفض المجلس التأسيسي لها ، تمديد رخصتها عقب نحو ثمانين عامًا ، من العمل داخل البلاد .