قد يظن البعض أن الشركات الخاصة ونجاحها هو مجرد نجاح اقتصادي للشركة ومن ثم الدولة ، ولكن الجديد في الأمر هو أن الشركات الناجحة ، تعمل دوليًا بمثابة وزارة خارجية ، خاصة إذا ما كان مجالها هو النفط ، ذلك الذهب الأسود ، الذي تركض خلفه معظم الدول ، ولهذا كان لبعض الشركات دورًا رئيسًا ، تلعبه تلك الشركات اقتصاديًا ، وإحدى تلك الشركات هي شركة روسنفت الروسية .نبذة عن الشركة :
تعد شركة روسنفت واحدة من كبرى الشركات العالمية ، الرائدة في صناعة النفط والغاز ، حيث نالت تلك الشركة أكثر من 6% ، من إجمالي الإنتاج العالمي للنفط الخام ، والذي يبلغ قيمته أكثر من 65 مليون دولار ، ومن أهم القادة داخل شركة روسنفت ، السيد إيجور سيتشن رئيس الشركة ، وهو شخص مقرب للغاية من الرئيس الروسي ، فلاديمير بوتين ، ولعل هذا القرب بين سيتشن وبوتين ، هو ما جعل للشركة ، دورًا سياسيًا مهمًا بالدول ة.إيجور سيتشن :
ولد إيجور سيتشن في فترة الثمانينات ، بسان بطرسبرج وكان قد عمل مترجمًا تابعًا للعسكرية الروسية ، في كل من أنجولا وموزمبيق ، ثم بدأت علاقته تتوطد مع الرئيس بوتين ، في فترة التسعينيات من القرن المنصرم ، عندما التقيا في سان بطرسبرج وانتقلا معًا إلى موسكو ، فلمع نجم سيتشن وبدأ في العمل على تأميم قطاع النفط الروسي ، لينال في عام 2012م منصب الرئيس التنفيذي ، لشركة روسنفت الروسية العملاقة .ولعل ما صنع التقارب بين سيتشن وبوتين ، هو أن الرجل صاحب نفوذ داخل البلاد ، ويعرف عنه التهور ، إلا أنه من أفضل رجال بوتين وأكثرهم خبرة ، وثقة في وضع حلول لكافة المشاكل التي يواجهها بوتين ، خاصة مع إخلاصه الشديد له .ومنذ أن تولى سيتشن إدارة روسنفت ، تحول دورها إلى دور سياسي واضح ، حيث تتبع الرئيس بوتين مباشرة ، وتجلى هذا في عدد من الصفقات التي تم إبرامها ، أثناء فترة تولي أوباما لرئاسة أميركا ، ويعتبر المحللون سيتشن وزيرًا للخارجية غير معلن عنه ، أو ثانيًا واعتمد عليه الرئيس بوتين من قبل ، في عدد من المهام كان آخرها ، كلاً من العراق والهند وفنزويلا ، حيث تجلى فيهم نفوذ روسيا السياسي ، في مقابل دورها التجاري باستخدام شركة روسنفت .مهام روسنفت في العراق وفنزويلا والهند :
حيث لعبت روسنفت في إقليم كردستان بالعراق ، دورًا دفع نفوذ روسيا للتنامي بها ، وارتبطت آنذاك أميركا مع روسيا ، في تحالف واضح للإطاحة بنظام صدام حسين السياسي ، إبان فترة الغزو الأميركي للعراق عام 2003م ، ولعبت روسيا بعدها دورًا قويًا ، في تصاعد مطالبات إقليم كردستان للانفصال عن العراق ، وخلال تلك الفرتة أرسل سيتشن خطابًا إلى وزارة النفط العراقية .يذكرهم بأنهم لم يستجيبوا إلى مباردة الشركة في تطوير الحقول بالجنوب ، مهددًا لهم بأنه سوف يتعاون مع حكومة كردستان ، مما عكس قوة ونفوذ سياسي واضح ، لشيتن وليس مجرد إدارة شركة تجارية فقط .وبالفعل قدم سيتشن قروضًا كبيرة لإقليم كردستان ، وامتلك مؤخرًا خط أنابيب النفط ، الذي يتم تصديره إلى تركيا في مقابل 1.8 مليار دولار .وفي فنزويلا قام سيتشن بتقديم قروضًا ، بلغت 6 مليا دولار ، للحكومة الفنزويلية وذلك من أجل التخطيط لامتلاك مصافي شركة النفط الوطنية بها ، تلك القروض التي أتت لتحقيق أهداف روسيا السياسية ، مع فنزويلا مستهدفة تحقيق تعاون اقتصادي وسياسي وعسكري معها ، في مواجهة أميركا .وفي الهند عزز روسنفت تواجدها ، باستثمار بلغ أكثر من 13 مليار دولار في عام 2016م المنصرم ، في لعبة توازن حقيقية بين كل من روسيا وأميركا ، وذلك من أجل تحقيق هدفها الجديد ، في الاستحواذ على مصفاة إيسار أويل ، وقد اعتبر الكثيرون أن سعر تلك المصافة ، مبالغ فيها في مقابل مجمع نفطي ، وفضلت الهند العرض الروسي ، من بين عدد من العروض الأخرى لشركات عالمية ، من أجل تعزيز العلاقات مع حليف ضد الولايات المتحدة الأمريكية .