أنتوني بوردين رجل مفعم بالحياة والانطلاق ، وله شخصية استثنائية فريدة من نوعها ، يعشق الطهي ويتحدث عن الطعام وكأنه يتحدث عن عشيقته ، ولكن كل تلك الطاقة والحيوية ، لم تمنعه عن مغادرة الحياة منتحرًا ، عن عمر ناهز الحادية والستين عامًا ، هذا الرجل الذي طالما نصح الجميع بالسفر ، والتعلم وكان له جولات عدة بالوطن العربي .السفر والطهي الطهو قصة حياة :
كان أنتوني قد اشتهر مع نشره لمقاله الأول ، بعنوان لا تأكل قبل قراءة هذا بصحيفة النيويوركر عام 1999م ، وكانت المقالة بشأن الكواليس داخل المطاعم ، التي تقدم الوجبات السريعة لزبائنها ، حيث عمل أنتوني طاهيًا لفترة تجاوزت العشر أعوام ، بأحد المطاعم الفرنسية في نيويورك ، وذلك بعدما أنهى دراسته في الطهي ، من معهد أمريكا للطبخ .كان أنتوني صاحب وجهة نظر مختلفة بشأن الطهي ، فرؤيته للطهي وللطعام أنه أحد أدوات الثقافة ، وأن أغلب المشاكل يمكن حلها على مائدة الطعام ، ولهذا كان دائمًا أنتوني يشجع الجميع على السفر ويسافر كثيرًا هو أيضًا .من بين أشهر الدول التي سافر إلى أنتوني ، كانت غانا وسلطنة عُمان ، ونيكاراجوا وكمبوديا أوزبكستان ، وتشيلي وذهب إلى دبي ، والتي وصفها بأنها امبراطورية تم تشييدها على رمال الصحراء ، وقام أنتوني بتناول أطعمة الهنود الفقراء ، داخل مدينة نيونيورك الشهيرة بغناها الفاحش ، ولم يكتف بكل ذلك بل زار أيضًا فيتنام ، وذلك في عام 2016م ، ليتناول الطعام بها برفقة باراك أوباما أثناء مراسم زيارته لفيتنام ، ليجلسا سويًا على مقاعد بأحد المطاعم في الطريق العام ، ويتشاوران في عدة أمور مختلفة ، بينما رأى أنتوني ، أن ترامب لا يحبذ تناول الطعام ، برفقة أحد ، ولهذا امتنع عن مرافقته .زيارات مهمة لمطاعم الدول العربية :
انطلق أنتوني صوب بني غازي ، وتحدث إلى أهلها بعربيته الركيكة قائلاً السلام عليكم ، ليتم استقباله بترحاب كبير أثلج صدره ، ثم انطلق صوب طهران ليتناول بها الأرز بالزعفران ، والكفتة التبريزي ، ويتناول مع الإيرانيين أطراف حديث ، بشأن العلاقات الإيرانية الأميركية ، ويتعرف على آراء المواطنين العاديين ، الذين وصفهم بأنهم مختلفون بشدة عمن يظهرون بنشرات الأخبار لديهم في أميركا .لم تتوقف جولات أنتوني عند هذا الحد فقط ، بل انطلق مستكملاً زياراته صوب المملكة ، ليتناول أشهر مأكولاتها والمعروفة باسم المفطح ، ويتناول أوضاع النساء بالمملكة ، وانتقل في جولته صوب القدس وتناول الفلافل والحمص ، وشاهد بنفسه آلام الفلسطينيين ، لينحي الطعام في هذا الوقت جانبًا ، ويتحدث بشأن سرقة إسرائيل للأراضي الفلسطينية ، وبناء الأسوار الحاجزة والمستوطنات .كانت جولة أنتوني سهلة للغاية ، تناول فيها الأكلة الشعبية بغزة ، والمعروفة باسم المقلوبة ، وكان كلما سمع أحداثًا عن حروب دائرة بها ، وقتلى تذكر طعم المقلوبة في فمه ، ثم انتقل إلى لبنان وكانت هي البلد الأكثر جذبًا له ، حيث ذهب إليها في عام 2006م ، ومنها إلى قبرص ، وظل أنتوني يذكر زيارته للبنان ، ويردد أنها الأحب إلى قلبه .وفاة أنتوني بوردين :
مكث أنتوني في أحد فنادق باريس ، ليتم العثور عليه ميتًا داخل غرفته بالفندق في 8 يونيو عام 2018م ، وكان ذلك بعد أن شعر صديقه ، إيريك ريبير أن هناك خطب ما بصديقه ، وذلك بعد أن منحه بوردين موعدًا من أجل تناول الغداء ، ولكنه أخلفه وهذا لم يكن من عادات بوردين .بعد أن عُثر على بوردين ميتًا ، هبط الخبر كالصاعقة على الملايين من محبيه ومعجبيه وتلاميذه ، ولم يعرف أحد لم أقدم بوردين على إنهاء حياته بتلك الطريقة ، وكانت التحاليل قد أثبتت خلو جسده ، من أية عقاقير طبية زائدة أو أدوية مخدرة ، كما أقرت والدته بأنه كان مفعمًا بالحياة ، وعاشقًا لها ولا يدري أحد لم أقدم بوردين ، على تلك الخطوة .وكان أحد أصدقائه المقربين قد أقر ، أن بوردين أصابه الاكتئاب قبيل وفاته ، وكانت تلك عادته عندما تتعقد أموره ، بينما أقر آخرون بتوتر علاقته مع صديقته الإيطالية ، التي كان يحبها بجنون ، ولم يعلم أحد السبب الحقيقي خلف انتحار بوردين حتى الآن .